التكليف إذا التفت إلى حكم فعلي واقعي أو ظاهري متعلق به أو بمقلديه فإما أن يحصل له القطع به أو لا... إلى آخره (1) حيث إنه جعل متعلق القطع هو الحكم الفعلي أعم من أن يكون واقعيا أو ظاهريا، ومعه لا يحصل الامتياز بين موارد الأمارات التي هي عبارة عما اعتبرها الشارع من جهة كشفها واراءتها الواقع وبين موارد الأصول التي هي عبارة عن الوظائف المقررة للجاهل في مقام العمل ولذا يعبر عنها بالأصول العملية.
ولابد من البحث الصغروي في تشخيص موارد الأمارات عن الأصول، والحال أن المقصود بالذات في المقام تميز موارد الأمارات والأصول والبحث عن القطع استطرادي وهو يحصل بتثليث الأقسام وجعل المتعلق هو الحكم الواقعي، وذلك لأن غير الملتفت وهو الغافل لا وظيفة له مع الغفلة، وإن أمكن أن تكون له وظيفة بعد ارتفاع غفلته أو من جهة العقوبة أو المعذورية الأخروية، فلذلك قيد المكلف بالملتفت.
والملتفت الذي توجه إلى الحكم الشرعي الواقعي لا يخلو إما أن يحصل له القطع به أو الظن به أو الشك فيه، فإن حصل له القطع فلا مجرى معه لشيء من الأمارات والأصول، وإن لم يحصل له القطع فهنا موارد الأمارات إن كان ظانا وموارد الأصول إن كان شاكا.
وحاصله: أن غير الملتفت لا وظيفة له، والملتفت إلى الواقع إما أن يكون قاطعا به أو لا، فإن كان قاطعا فليس له وظيفة شرعية ولا مجرى مع القطع لا للأمارات ولا للأصول، لأن حجيتهما لغير القاطع بالخلاف وإن لم يكن قاطعا، فإن كان ظانا فهو مجرى الأمارات فتأمل، وإن كان شاكا فهو مجرى الأصول. فتميز مجاري الأصول كلية عن مجاري الأمارات إنما هو بما ذكره بقوله: إن يحصل له القطع... إلى آخره، وأما غير مجاري الأصول بعضها عن بعض فهو ما ذكره بقوله: