وفيه: ما ذكره الشيخ (1) (قدس سره) من أنا نختار استحقاق من صادف قطعه الواقع دون من لم يصادف، لأن الأول عصى اختيارا دون الثاني.
قولك بأن التفاوت بالاستحقاق في الأول وعدمه في الثاني مستلزم لإناطة العقاب بما هو خارج عن الاختيار.
ممنوع، لأن العقاب بما لا يرجع بالأخرة إلى الاختيار قبيح، إلا أن عدم العقاب لأمر لا يرجع إلى الاختيار قبحه غير معلوم، ومراده من عدم العقاب عدم استحقاقه لا العقاب الفعلي، إذ عدم العقاب الفعلي على الأمر الاختياري ليس بقبيح فضلا عن غير الاختياري، فتأمل.
وإنكار التفاوت بين من صادف قطعه الواقع ومن لم يصادف قطعه الواقع في استحقاق العقاب وعدمه إنكار للفعل الاختياري مطلقا، إذ من قطع بأن هذا الشخص زيد وقتله، وكان زيدا واقعا لا إشكال في أنه قتل زيدا اختيارا ويستحق القصاص، ويترتب على هذا القتل سائر ما يترتب على القتل العمدي، والحال أن مصادفة قطعه للواقع وكونه زيدا أمر خارج عن اختياره، فالتفاوت بين من صادف قطعه الواقع وغيره إنما هو من جهة صدور شرب الخمر عن الأول اختيارا وعن عمد، وعدم صدوره عن الثاني كذلك.
ولا حاجة في إثبات التفاوت بينهما إلى الأخبار (2) الواردة في أن: من سن سنة حسنة كان له أجر من عمل بها، ومن سن سنة سيئة كان له وزر من عمل بها.
فإنه لو لا تلك الأخبار لقلنا بكثرة عقاب من سن سنة سيئة واتفق كثرة العامل بسنته، وقلة عقاب من سن سنة سيئة واتفق قله العامل بسنته، فإذا فرضنا أن العامل بسنة الأول مائة والعامل بسنة الثاني خمسون فلا إشكال في تساويهما في عقاب الخمسين، لأن عمل الخمسين بسنتهما راجع إلى اختيارهما، وهو جعل السنة السيئة، وأما الزائد عليه في الأول مستند إليه فيستحق دون الثاني فلا يستحق.