والتقبيح العقليين والملازمات العقلية مثل الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته وحرمة ضده وأمثالهما مما يكون النزاع صغرويا وفي أن العقل هل يحكم بهذا أم لا؟
ومن بعضها يظهر أن المسألة فرعية حيث تمسك بالإجماع على حرمة سلوك طريق مظنون الخطر ونحوه، وجهة أن هذه الجهات الثلاث بنظره (قدس سره) متلازمة، فلو ثبتت إحداها ثبتت الأخيرتان، وإن انتفت إحداها انتفت الأخيرتان، لأن استحقاق العقاب لا يكون إلا مع كون الفعل حراما وقبيحا، وهما لا يكونان إلا مع استحقاق العقاب.
ولكن للنظر فيه مجال، وذلك لأن استحقاق العقاب إنما هو من لوازم التمرد والطغيان على المولى والخروج عن زي عبوديته وهتك حرمته، وهذا المعنى موجود في التجري كالعصيان فإن من ارتكب فعلا مع القطع بأنه حرام، ولكن لم يكن حراما واقعا مثل من ارتكب فعلا مع القطع بأنه حرام، وكان حراما في كونه متمردا وطاغيا وخارجا عن العبودية، والفرق بينهما بوصول المضار الواقعية التي للحرام الواقعي إلى المكلف في الثاني دون الأول، لعدم الحرمة. والمضرة في الفعل واقعا جهة خارجية لا ربط لها بما هو المناط في استحقاق العقاب وهو الطغيان على المولى المشترك بينهما، فإن وصول المضرة الكامنة في الفعل غير العقوبة المترتبة على الطغيان والتمرد، كما أن وجود التشفي في الثاني وعدمه في الأول لا يوجب الفرق من حيث العقوبة على الطغيان في كليهما بالنسبة إلى مولى الموالي، لعدم التشفي فيه، وإنما هو الموجب للفرق بينهما في الموالي الظاهرية.
فاستحقاق العقاب على فعل لا يستلزم قبحه، وعلى تقدير استلزامه لا يمكن للعقل الحكم بحرمته بقاعدة الملازمة بين كون الشيء قبيحا عقلا ومحرما شرعا، لأن قاعدة الملازمة إنما تجري في مورد يكون قابلا للحكم الشرعي، والمقام ليس كذلك، لأن قبح التجري كالعصيان، فكما أن قبح العصيان عقلا لا يستلزم حرمته شرعا، ولا يمكن أن يكون النهي عنه مولويا، بل لا بد أن يكون إرشاديا