إذ استحقاق الثواب والعقاب ليس من آثار الواقع بما هو واقع، بل من آثار الإطاعة والعصيان المترتبين على تنجز الواقع ووصوله إلى المكلف إما بحجة عقلية أو شرعية، وإلا فصرف ايجاد الواجب الواقعي مع عدم العلم بأنه واجب، وعدم تنجز وجوبه عليه وصرف اجتناب الحرام الواقعي مع عدم العلم بأنه حرام، وعدم تنجز حرمته عليه لا يوجبان الموافقة والمخالفة والإطاعة والعصيان الموجبتين لاستحقاق الثواب والعقاب.
فتحصل: أن للقطع جهات ثلاث:
أحدها: انكشاف الواقع به وهو من لوازم ذات القطع، بل عينه.
الثانية: لزوم ترتيب آثار الواقع عل المقطوع بمجرد القطع، إذ عدم وجوب ترتيبها عليه مستلزم للتناقض بعد فرض كون الآثار آثارا للواقع، وانكشاف الواقع به.
الثالثة: كونه حجة أي قاطعا للعذر وموضوعا لحكم العقل بتنجز الواقع به، وتحقق عنوان الإطاعة والعصيان الموجبين لاستحقاق الثواب والعقاب على موافقته ومخالفته فيما لو تعلق بوجوب واجب أو حرمة حرام، فإنه يصح أن يحتج به المولى على العبد، ويصح أن يحتج العبد به على المولى، ولا معنى للحجية إلا صحة الاحتجاج وقاطعية العذر فيما لو تعلق بوجوب واجب أو حرمة حرام، وأما كونه عذرا فيما لو تعلق بعدم وجوب شيء وكان واجبا واقعا، أو تعلق بعدم حرمة شيء وكان حراما واقعا فهو ليس من آثار القطع. بل من آثار الجهل بالواقع الملازم له، سيما مثل هذا الجهل المركب الذي هو أعظم عذر.
ولا ثمرة في النزاع في أن العذرية مستندة إلى القطع بعدم الوجوب أو الحرمة، أو إلى الجهل بهما.
ولا يخفى أن تحقق عنوان الإطاعة والعصيان الموجبين لاستحقاق الثواب والعقاب على موافقة القطع ومخالفته إنما هو فيما إذا تعلق القطع بالحكم الفعلي لا بالحكم الاقتضائي الإنشائي الشأني، والمراد من الحكم الفعلي ما صار المولى