وكيف كان فقد قيل (1) بدخول الغاية في المغيى مطلقا، وقيل (2) بعدم دخولها مطلقا، وقيل (3) بالتفصيل بين حتى فتدخل الغاية في المغيى وبين إلى فلا تدخل.
والظاهر أنه نشأ من عدم التفرقة بين حتى العاطفة وحتى التي للغاية.
والمقصود من هذا النزاع أن الحكم المغيي بغاية هل له ظهور في دخول الغاية بحيث لا يمكن رفع اليد عنه إلا بدليل، أو له ظهور في عدم دخولها كذلك، أو يكون في حد نفسه مجملا لا ظهور له في أحدهما؟
ولابد في إثبات أحدهما من القرائن الخارجية، ويختلف ذلك باختلاف المقامات والأفعال، وبناء على دخول الغاية والبداية هل هما داخلتان بتمام أجزائهما، أو يكتفي بدخول جزء واحد منهما، أو تختلف باختلاف المقامات والأفعال، ففي مثل: سر من البصرة إلى الكوفة يكفي دخول جزء يسير من البداية والنهاية في السير، وفي مثل: صم من يوم الجمعة إلى يوم السبت لابد من دخول اليومين بتمام أجزائهما، إذ الصوم لا يمكن أن يكون في بعض اليوم؟
والحق هو إلإجمال وعدم الظهور في الدخول وعدم الدخول للجملة بنفسها، بل بواسطة الأمور الخارجية قد تكون ظاهرة في الدخول، وقد تكون ظاهرة في عدم الدخول، وفيما كانت ظاهرة في الدخول لابد أيضا من القرينة الخارجية على أن الداخل هو تمام البداية والنهاية أو يكفي جزء منهما.
والحاصل: أن الجملة المغياة بغاية ليس لها في حد نفسها ظهور نوعي يكون هو المرجع عند الشك بحيث لا يمكن رفع اليد عنه إلا بدليل. فعلى هذا لابد في باب التكاليف المغياة بغاية الرجوع إلى الأصول العملية عند الشك، وهي تختلف باعتبار كون الغاية للحكم أو غاية للموضوع الذي ورد عليه الحكم، فإن كانت الغاية غاية للحكم المرجع هو الاستصحاب إن لم يناقش فيه من جهة الشك في المقتضي، وإن كانت غاية للموضوع فالمرجع هي البراءة برجوع الشك إلى الشك في التكليف المردد بين الأقل والأكثر. والمرجع فيه البراءة اتفاقا إن كانا غير