لكلا الخطابين في مورد الاجتماع حسب الفرض موجود، وإنما المانع عن تأثير مقتضي الأمر فعلية النهي، فإذا ارتفع النهي بواسطة الجهل والنسيان فيؤثر أثره بخلاف ما إذا لم يكن المقتضي إلا لأحدهما كما في سائر موارد التخصيص والتقييد، فإنه لا فرق فيها بين صورة العلم والجهل والنسيان.
والحاصل: أنه فرق بين باب التعارض والتزاحم فإذا كان بين الدليلين كما في " صل " و " لا تصل في الدار المغصوبة " مثلا تعارض وخصصنا الأمر بالصلاة بما عدا الصلاة في الدار المغصوبة لأخصيته، فالصلاة في الدار المغصوبة خارجة عن دائرة متعلق الأمر وليست من أفراد الطبيعة المأمور بها، فهي فاسدة سواء أتى بها علما أو جهلا أو نسيانا، وأما إذا كان بينهما تزاحم كما في " صل " و " لاتغصب " كما هو المفروض من أن باب الاجتماع من باب التزاحم لثبوت المقتضي في كل واحد من الحكمين، فإذا خصصنا الأمر بالنهي وقدمنا جانب النهي على الأمر بناء على الامتناع لا يخرج مورد الإجماع - وهي الصلاة في الدار المغصوبة - عن الطبيعة المأمور بها بالكلية، لأن الموجب لخروجها عنها فعلية النهي، فإذا زالت فعليته بواسطة الجهل والنسيان فلا مانع من فعلية الأمر بالنسبة إليها.
بل يمكن أن يقال: إن ثمرة النزاع في أن باب الاجتماع من باب التعارض أو التزاحم هي صحة الصلاة في الدار المغصوبة جهلا أو نسيانا، وعدم صحتها معهما، وإلا ففي صورة العلم ظاهرا لا إشكال في فساد الصلاة على القول بالامتناع، بل يمكن أن يقال ولو على القول بالجواز، إذ يعتبر في صحة العبادة مضافا إلى الحسن الفعلي من الحسن الفاعلي وفي الصلاة في الدار المغصوبة مع العلم بالغصب ليس حسن فاعلي، لأنه أطاع بما يلازم المعصية.
والحاصل: أنه إن قلنا بأن باب الاجتماع من باب التعارض فالصلاة في الدار المغصوبة فاسدة مطلقا بناء على تخصيص الأمر بالصلاة بما عدا الصلاة في المكان المغصوب، وإن قلنا بأنه من باب التزاحم ففي صورة الجهل والنسيان تصح، وأما في صورة العلم فلا تصح بناء على الجواز فضلا عن الامتناع إما لما ذكرنا من انتفاء الحسن الفاعلي، أو لما ذكر من أن الصلاة في غيرها أهم منها والأمر