ذلك كون الموضوع للتكليف الاضطراري هو العذر في الجملة الذي لازمه جواز البدار، لأنه يمكن أن يكون التكليف الاضطراري وافيا ببعض الغرض فأمر به الشارع تحصيلا له وأمر بالإعادة أو القضاء تحصيلا لما فات منه، فيكون من باب تحصيل تمام الغرض، والمطلوب بأمرين فيما يمكن تدارك ما فات من الغرض بالأمر الثاني وإن لم يكن لدليل التكليف الاضطراري إطلاق، سواء كان لدليل التكليف الاختياري إطلاق أم لا، فإن المناط هو إطلاق دليل التكليف الاضطراري وعدمه، فلابد من الأخذ بالقدر المتيقن وأن العذر الموجب للانتقال من التكليف الاختياري إلى التكليف الاضطراري هو العذر المستوعب.
وعليه فلا مجال للنزاع في كونه مجزيا بالنسبة إلى الإعادة أم لا؟ لأنه لو ارتفع العذر بعد الإتيان بالتكليف الاضطراري وكان الوقت باقيا يستكشف منه أن التكليف الاضطراري لم يكن في الواقع حتى ينازع في إجزائه وعدم إجزائه، لأن موضوعه العذر المستوعب والعذر لم يكن مستوعبا وإتيانه كان بتخيل أن الأمر الاضطراري متحقق لتحقق موضوعة، والحال أنه لم يكن متحققا. نعم يمكن النزاع في إجزائه بالنسبة إلى القضاء وعدم إجزائه، هذا بحسب الأصول اللفظية.
وحاصله: أنه يمكن تصورا أن يكون دليل التكليف الاختياري والتكليف الاضطراري كلاهما مطلقين، أو كلاهما غير مطلقين، أو دليل التكليف الاختياري مطلقا، ودليل التكليف الاضطراري غير مطلق أو بالعكس، فالأقسام المتصورة أربعة فإن كان كلاهما مطلقين فإطلاق دليل التكليف الاضطراري يحكم على إطلاق دليل التكليف الاختياري، ومقتضاه أن الموضوع للتكليف الاضطراري هو العذر في الجملة، ولازمه مشروعية الفعل الاضطراري وجواز البدار وكونه وافيا بتمام الغرض إن كان إطلاقه في مقام بيان الفعل من هذه الجهة، إذ يمكن أن يكون إطلاقه في مقام البيان من جهة أصل مشروعية الفعل الاضطراري مع العذر في الجملة، ويكون مجملا بالنسبة إلى وفائه بالغرض حتى يكون المرجع عند الشك وعدم الدليل على وجوب الإعادة أو القضاء هو الأصل العملي ومجزيا عن