المضطر وافيا بتمام المصلحة التي في التكليف الاختياري في حق المختار، بل تكون أزيد، ويمكن أن لا يكون وافيا بتمام مصلحته، وعلى تقدير عدم وفائه ونقصان مصلحته عنه تارة لا يمكن استيفاء ما فات من مصلحته وأخرى يمكن.
وعلى كلا التقديرين المصلحة الفائتة إما تكون واجبة الاستيفاء أو مستحبة، فكما أن أصل المصلحة يمكن أن يكون على أحد النحوين فكذلك القدر الفائت من المصلحة أيضا، فإن كان التكليف الاضطراري وافيا بتمام المصلحة التي في التكليف الاختياري، فإن كان العذر في الجملة موجبا للانتقال إلى التكليف الاضطراري فلا مانع من تسويغ البدار، بل استحبابه لما فيه من إدراك فضيلة أول الوقت، ويكون مجزيا عن التكليف الاختياري إعادة وقضاء، لعدم فوت شيء من مصلحته وإن كان العذر المستوعب موجبا للانتقال فلا يمكن تسويغ البدار، فلو أراد المكلف المبادرة إليه في أول الوقت فإن كان برجاء مطلوبية هذا الفعل الاضطراري منه باحتمال بقاء عذره إلى آخر الوقت فلا بأس به بناء على عدم اعتبار الجزم في النية مع التمكن منه، وكون الامتثال الاحتمالي في عرض الامتثال الجزمي، وأما بناء على كونه في طوله وعند عدم التمكن منه فلا يجوز له المبادرة ولو رجاء، وأما لو أراد المبادرة إليه بداعي كونه مطلوبا منه جزما أي بداعي التعبد به فإن كان هنا أمارة أو أصل موضوعي يحرز به بقاء العذر إلى آخر الوقت على ما عرفت تفصيله، فلا مانع منه، وإلا فلا، ويكون مجزيا عن القضاء في هذه الصورة لا الإعادة، لما تقدم وإن لم يكن وافيا بتمام المصلحة، بل يبقى منها شيء.
فإن لم يمكن تداركه فإن كان الفائت من المصلحة واجب الاستيفاء فلا يمكن تسويغ البدار وتشريعه، لأنه لا يمكن أن يكون الموجب للانتقال إلى التكليف الاضطراري في هذه الصورة العذر في الجملة، لأنه ربما يوجب تفويت مقدار من مصلحة التكليف الاختياري، بل لابد أن يكون الموجب للانتقال هو العذر المستوعب، ولازمه عدم تسويغ البدار، بل وجوب الانتظار، فلو أخر إلى آخر الوقت وأتى به فقد أجزأ ولا قضاء عليه أيضا، لأن أصل المصلحة قد أدركها