بعد رفع الاضطرار. هذا تمام الكلام في الانحاء المتصورة في وقوع الفعل الاضطراري في عالم الثبوت.
وأما في عالم الاثبات والاستظهار من الأدلة وأن ما وقع على أي نحو؟ فلا بد أولا من تنقيح موضوع التكاليف الاضطرارية وأنه العذر في الجملة أو العذر المستوعب؟ وفي الحقيقة يكون النزاع في الإجزاء وعدمه بالنسبة إليه صغرويا بالرجوع إلى أدلتهما، فإن كان لدليل التكليف الاختياري اطلاق - كما هو كذلك - نوعا كقوله: " لا صلاة إلا بطهور " (١) و: " لا صلاة إلا بفاتحة " (٢) و: " لا صلاة لمن لم يقم صلبه " (٣) وأمثالها وكان لدليل التكليف الاضطراري أيضا إطلاق كما في قوله تعالى: ﴿فلم تجدوا ماء فتيمموا﴾ (4) وقوله (عليه السلام): " التراب أحد الطهورين " (5) وأمثالهما فيحكم إطلاقه على إطلاق دليل التكليف الاختياري، لأنه مخصص أو مقيد بالنسبة إليه فيقدم إطلاقه على إطلاقه، ويصير المتحصل من الإطلاقين بعد التحكيم والجمع تنويع المكلف إلى القادر والعاجز والواجد للماء والفاقد له، وأن القادر وظيفته التكليف الاختياري والعاجز وظيفته التكليف الاضطراري، والواجد للماء وظيفته الغسل أو الوضوء، والفاقد وظيفته التيمم، وأن العذر في الجملة ولو في زمان من أزمنة التكليف يكفي في الانتقال من التكليف الاختياري إلى التكليف الاضطراري.
وظاهره أنه واف بتمام المصلحة التي تكون للتكليف الاختياري الذي لازمه الإجزاء عن الإعادة والقضاء وجواز البدار في أول الوقت، إلا أن يقوم دليل على خلافه فنستكشف منه عدم وفاء التكليف الاضطراري بتمام الغرض، ولا ينافي