بالفعل الاضطراري، وما فات من المصلحة غير قابل للتدارك فلا موجب للقضاء، لأن القضاء إنما يجب لإدراك أصل المصلحة أو لما نقص من مصلحة التكليف الاضطراري عن التكليف الاختياري، والفرض أن أصل المصلحة قد أدركها وما نقص غير ممكن الإرداك.
لا يقال كيف يمكن تشريع هذا التكليف الاضطراري مع أنه ربما يوجب تفويت مقدار من المصلحة، والحال أنه يمكن إدراكه ولو بالقضاء خارج الوقت؟
لأنا نقول: الأمر كذلك لو لا مزاحمته بمصلحة الوقت التي ربما تكون أهم من المقدار الفائت من مصلحة الفعل الاختياري، وإن كان الفائت من المصلحة الذي لا يمكن استيفاؤه بعد استيفاء أصل المصلحة بالتكليف الاضطراري مستحب الاستيفاء فيمكن تسويغ البدار، بل استحبابه فيما إذا كان إدراك فضيلة أول الوقت أهم من مقدار المصلحة التي تفوت بالفعل الاضطراري.
وعلى كل حال يكون مجزيا عن الإعادة والقضاء في صورة جواز المبادرة، وعن القضاء في صورة عدم جواز المبادرة وإن أمكن استيفاء الفائت من المصلحة، فإن وجب استيفاؤه فلا مانع من تسويغ البدار، لأنه يمكن أن يكون العذر في الجملة موجبا للانتقال أو العذر المستوعب فيتخير بين البدار والإتيان بالفعل الاضطراري في هذا الحال والفعل الاختياري بعد رفع الاضطرار وبين الانتظار والإتيان بما هو تكليف المختار، ولا يكون ما أتى به من التكليف الاضطراري مجزيا لا عن الإعادة ولا عن القضاء كما لا يخفى.
وإن استحب استيفاؤه فلا مانع أيضا من تسويغ البدار كالصورة السابقة، ولا يكون مجزيا بالنسبة إلى المقدار الفائت من المصلحة فيستحب إعادته أو قضاؤه، لتحصيل هذا المقدار الفائت من المصلحة، بل يمكن أن يقال: إن البدار في هذه الصورة مستحب والإعادة أو القضاء أيضا كذلك، أما البدار فلإدراك فضيلة أول الوقت، وأما الإعادة أو القضاء فلإدراك ما فات من المصلحة، فلو أراد المكلف أن يحوز المصلحتين فيأتي بالفعل الاضطراري في أول الوقت وبالفعل الاختياري