يحتاج إلى التعبد به ثانيا أم لا؟
والثاني: في أن إتيان المأمور به بالأمر الاضطراري والأمر الظاهري هل يقتضي الإجزاء عن المأمور به بالأمر الواقعي ولا يحتاج إلى الإعادة والقضاء، أم لا؟
أما الكلام في الموضع الأول: فالحق هو الاجزاء لاستقلال العقل الذي هو المرجع في باب الإطاعة والمعصية بأنه إذا أتى العبد ما أمره الله تعالى على الوجه الذي لابد أن يأتي به من الكيفيات المعتبرة فيه شرعا وعقلا لا مجال لإتيانه والتعبد به ثانيا بأن يكون حاله بعد الإتيان كحاله قبل الإتيان، لأنه لو لم يكن إتيانه مقتضيا للإجزاء وكان عليه التعبد به ثانيا لابد أن يكون إما من جهة عدم إتيانه على النحو المقرر وهو خلاف الفرض، وإما أن يكون أمره بايجاد الشيء منحلا إلى أوامر متعددة بايجادات متعددة وهو أيضا خلاف الفرض، مع أنه على هذا التقدير إتيانه وايجاده في كل مرة يجزي عن أمرها ولو بقي عليه أمر آخر بإيجاده بعدها.
والحاصل: أنه بعد إتيان المأمور به على النحو المقرر العقل حاكم بحصول الامتثال وعدم الحاجة إلى التعبد به ثانيا، ولا يعقل القول بعدم الإجراء. نعم يجوز للعبد تبديل الامتثال بامتثال آخر، ورفع اليد عن الامتثال الأول بأحد تقريبين:
الأول: هو أنه إذا لم يكن إتيان المأمور به علة تامة لحصول الغرض كما إذا أمر المولى عبده بإتيان الماء ليشرب أو يتوضأ فأتى به العبد وأحضره عند المولى فقبل أن يشربه المولى أو يتوضأ به يجوز للعبد أن يأتي بماء آخر أحسن من الأول أو مساو له ويرفع الأول من عنده، لأن الغرض من الأمر لما لم يحصل بعد فالأمر بملاكه باق، ولذا لو أهرق الماء وعلم به العبد وجب إتيانه ثانيا تحصيلا لغرض المولى، فكما أن العبد قبل الإتيان كان مخيرا في إتيان الطبيعة المأمور بها وايجادها في ضمن كل ما أراده من الأفراد فهذا التخيير بعد الإتيان أيضا باق ونتيجته أن له أن يكتفي بهذا الفرد المأتي به حتى يستقر الامتثال به أو يأتي بفرد آخر. نعم فيما إذا كان الإتيان بالمأمور به علة تامة لحصول الغرض كما إذا