لذلك الشيء وعدم مناسبته لماهية المأمور به وإن لم يكن في نفسه راجحا أو مرجوحا كالمسجد والحمام مثلا - فإن ماهية الصلاة يناسب وقوعها في المسجد الذي هو المعد للعبادة، ولو فرض أن نفس الكون فيه ليس أمرا راجحا، ولا يناسب وقوعها في الحمام الذي هو المعد للتنظيف وإن لم يكن الكون في الحمام في نفسه مرجوحا، بل راجحا كما هو كذلك.
وفي الحقيقة ما يكون من المشخصات الفردية التي قد توجب المزية وقد توجب المنقصة هو ما يكون من جهة مناسبة الماهية لتلك الخصوصية وعدم مناسبته لها، لا ما كان الرجحان أو المرجوحية بواسطة انطباق عنوان راجح أو مرجوح في نفسه.
وثالثة: يكون الشيء مما ندب إليه في المأمور به، واجبا كان أو مندوبا بحيث يكون المأمور به ظرفا له بلا دخل له لا في ماهية المأمور به ولا في خصوصية.
إذا عرفت هذه الأقسام فاعلم أن القسم الثالث، وهو أن يكون الشيء مما ندب اليه في المأمور به، والقسم الثاني، وهو أن يكون الشيء من مشخصات الفردية للمأمور به ليسا من محل النزاع بين الصحيحي والأعمي، أو لا مدخلية لهما في التسمية.
وإنما الكلام في القسم الأول: وهو ما كان دخيلا في الماهية شطرا أو شرطا، فبعضهم صار صحيحيا بالنسبة إلى الأجزاء والشرائط وقال باعتبارهما في التسمية مطلقا.
ولا يخفى ما فيه من الإشكال. وبعضهم من جهة عدم تصوير الجامع بين الأفراد الصحيحة والفاسدة بالنسبة إلى الأجزاء صار صحيحيا، وقال باعتبارها في التسمية، وأما بالنسبة إلى الشرائط فصار أعميا، وقال: أن التسمية بالنسبة إليها لا بشرط فلا تعتبر الشرائط في التسمية لا وجودا ولا عدما (1).