رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ٥ - الصفحة ٣٥٨

____________________
آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون» (1) تنبيها على أنهم لا يعلمون بأنفسهم، ولا يقتدون بعالم.
وقوله تعالى: «فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه» (2) يتناول وجوه الاهتداء من طلب الهداية، ومن الاقتداء، ومن تحريها. وقوله تعالى: «وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى» (3) معناه ثم أدام طلب الهداية، ولم يفتر عن تحريها، ولم يرجع إلى المعصية. وقوله: «أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون» (4) أي الذين تحروا الهداية وقبلوها وعملوا بها (5) انتهى.
والضلال: العدول عن الصراط المستقيم، وهو ضد الهدى، ويقال لكل عدول عن النهج عمدا كان أو سهوا، يسيرا كان أو كبيرا، فإن الصراط المستقيم الذي هو المرضي صعب جدا، ولهذا قال عليه السلام: «استقيموا ولن تخصوا» (6).
وطائعين: أي منقادين لأمرك عن طيب نفس وإخلاص في امتثال الأمر.
غير مستكرهين: أي غير حاملين أنفسنا بالكره على الطاعة، على رواية مستكرهين بصيغة اسم الفاعل، أو غير حاملين لنا خوف العقاب ونحوه بالكره على الطاعة، على رواية مستكرهين بصيغة اسم المفعول. وبهذا المعنى فسر قوله تعالى:
«لا اكراه في الدين» (7) في أحد الوجوه. أي لا اعتداد في الآخرة بما يفعل الإنسان في الدنيا من الطاعة كرها، فإن الله يعتبر السرائر، ولا يرضى إلا الإخلاص ولهذا قال، صلى الله عليه وآله وسلم: الأعمال بالنيات (8) وقال: أخلص، يكفيك القليل من العمل (9).

(1) سورة البقرة: الآية 170.
(2) سورة يونس: الآية 108.
(3) سورة طه: الآية 82.
(4) سورة البقرة: الآية 157.
(5) المفردات: ص 541.
(6) " ألف ": تحصلوا.
(7) سورة البقرة: الآية 256.
(8) تهذيب الاحكام: ج 1 ص 83 ح 67.
(9) لم نعثر عليه.
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 351 352 355 356 357 358 359 360 361 363 365 ... » »»
الفهرست