____________________
بالطاعة والعبادة، ليس إلا لينجذب إلى موطنه الأصلي، ومبدئه الأول بالتوحيد المحقق، والحمد المطلق، عن نار اججت، وجحيم سعرت، فلا ييأس من روح الله تعالى عند وقوع تقصير منه في أسباب ذلك الانجذاب، بل يكون برجائه أوثق، وقلبه بشمول العناية له أعلق، فإنه لا ييأس من روح الله الا الذين عميت أبصار بصائرهم عن أسرار الله، فهم في طغيانهم يعمهون، وأولئك هم الخاسرون، كما قال سبحانه «ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون» (1).
تنبيه اعلم: أن الأمر المحبوب الذي تتوقعه النفس، وتنتظره في المستقبل لا بد وأن يكون لسبب، فإن كان توقعه لأجل حصول أكثر أسبابه فاسم الرجاء والأمل صادق عليه، وإن كان سببه غير معلوم الوجود والانتفاء فاسم التمني أصدق على توقعه، وإن كان سببه معلوم الانتفاء فاسم الغرور والحمق أصدق على انتظاره.
إذا عرفت ذلك فاعلم: أن أرباب العرفان قد علموا أن الدنيا مزرعة الآخرة، فالنفس هي الأرض، وبذرها حب المعارف الإلهية، وسائر أنواع الطاعات جارية مجرى إصلاح هذه الأرض، من تقليبها وتنقيتها وإعدادها للزراعة، وسياقة الماء إليها. والنفس المستغرقة بحب الدنيا والميل إليها كالأرض السبخة التي لا تقبل الزرع والإنبات، لمخالطة الأجزاء الملحية، ويوم القيامة يوم الحصاد، فلا حصاد إلا من زرع، ولا زرع (2) إلا من بذر، وكما لا ينفع الزرع في أرض سبخة كذلك لا ينفع عمل مع خبث النفس، وسوء الأخلاق المنافية للإيمان، فينبغي أن يقاس عمل العبد ورجاؤه لرضوان الله بأمل صاحب الزرع ورجائه، والناس في ذلك على ثلاث درجات، سابق، ولاحق، ومقصر:
تنبيه اعلم: أن الأمر المحبوب الذي تتوقعه النفس، وتنتظره في المستقبل لا بد وأن يكون لسبب، فإن كان توقعه لأجل حصول أكثر أسبابه فاسم الرجاء والأمل صادق عليه، وإن كان سببه غير معلوم الوجود والانتفاء فاسم التمني أصدق على توقعه، وإن كان سببه معلوم الانتفاء فاسم الغرور والحمق أصدق على انتظاره.
إذا عرفت ذلك فاعلم: أن أرباب العرفان قد علموا أن الدنيا مزرعة الآخرة، فالنفس هي الأرض، وبذرها حب المعارف الإلهية، وسائر أنواع الطاعات جارية مجرى إصلاح هذه الأرض، من تقليبها وتنقيتها وإعدادها للزراعة، وسياقة الماء إليها. والنفس المستغرقة بحب الدنيا والميل إليها كالأرض السبخة التي لا تقبل الزرع والإنبات، لمخالطة الأجزاء الملحية، ويوم القيامة يوم الحصاد، فلا حصاد إلا من زرع، ولا زرع (2) إلا من بذر، وكما لا ينفع الزرع في أرض سبخة كذلك لا ينفع عمل مع خبث النفس، وسوء الأخلاق المنافية للإيمان، فينبغي أن يقاس عمل العبد ورجاؤه لرضوان الله بأمل صاحب الزرع ورجائه، والناس في ذلك على ثلاث درجات، سابق، ولاحق، ومقصر: