رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ٥ - الصفحة ٢٩٤

____________________
قال الراغب: يقال هو بين يديك أي قريبا منك (1) انتهى.
ومنه قوله تعالى: «إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد» (2) كأن العذاب تال له، وهو منذر له بوصوله، ماش (3) قدامه.
و «من» في قوله: «من أشباههن» مبينة لقوله: «لما بين يدي».
وإيقاع الوعظ على أشباه السيئات المذكورة مجاز حكمي أيضا، وإنما الغرض أن يكون واعظا له من ارتكاب ما يستقبله من أشباههن، فوقع الوعظ على السيئات للدلالة على المبالغة، كقوله تعالى: «ولا تطيعوا أمر المسرفين» (4) وقوله: «وأطيعوا أمري» (5).
قال الزمخشري: جعل الأمر مطاعا على المجاز الحكمي، والمراد الأمر كقولهم:
إمرة مطاعة (6) انتهى.
وحاصله: أن السيئات لما كان سببا موجبا للوعظ، والأمر سببا موجبا للإطاعة، أوقع الفعل عليهما قصدا للمبالغة.
ومن زعم أن اللام من قوله: «لما بين يدي» للتعليل فقد تكلف. ومآل هذه الفقرة من الدعاء إلى أن اعتذاره هنا (7) ثابت مستمر، زاجر له عن ارتكاب أشباه هذه الجرائم، فيما يستقبله من الزمان.
و «الفاء» من قوله: «فصل» سببية.
ووقعت فيه من الزلات: أي سقطت، والزلات: جمع زلة.
قال الراغب: الزلة في الأصل استرسال الرجل من غير قصد. وقيل للذنب من غير قصد زلة، تشبيها بزلة الرجل، قال تعالى: «فان زللتم من بعد ما جاءتكم

(1) المفردات: ص 68.
(2) سورة سبأ: الآية 46.
(3) " ألف ": ما بين.
(4) سورة الشعراء: الآية 151.
(5) طه: الآية 90.
(6) تفسير الكشاف: ج 3 ص 328.
(7) " ألف ": هذا.
(٢٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 299 300 ... » »»
الفهرست