____________________
حقيقيا، والمراد بالاعتراف أعم من أن يكون صريحا أو لزوما واضطرارا. أما الأول:
فهو الاعتراف من المؤمنين. وأما الثاني: فهو الشامل لكل أحد مؤمنا كان أو كافرا، وذلك أن العقول متفقة على وجود الصانع سبحانه، والانقطاع إليه عند تضائق حلق البلاء عليه، كما أشار إليه سبحانه بقوله: وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه (1)، وهذا أمر مجبول عليه كل أحد، ولا تجد أحدا إلا وفزعه وانقطاعه إلى خالقه من كون في نفسه وطبعه.
وقد نبه بعضهم على هذا المعنى فقال: التوكل على الخالق والانقطاع إليه من طباع الخلق للعجز المعجون بجبلتهم، والحاجة المركبة في طبيعتهم. ومما يدلك على ذلك أنك لو فاتحت الأمة البلهاء، والمرأة الورهاء، والشيخ المنجد، والشاب الغرير (2)، والبدوي القح، والفارسي الأعجم، والهندي الأبكم، والرومي الطمطماني، والكيس الزكي، والغمر الغبي، لوجدت في أثناء حديثهم، وأعراض كلامهم، تسليما إلى غيرهم، وتفويضا إلى سواهم، وانقطاعا عن إصابتهم باستطاعتهم، ولو ذانا بما يجدون المراد بتسهيله عليهم ولا شك أن هذا أصل في الجوهر، وأول في الكون.
ومن الظاهر البين أن ذلك يستلزم ضرورة الاعتراف بكون هذا المنقطع عليه والمفزوع إليه قادرا غير عاجز، وقويا غير ضعيف، وغنيا غير فقير، وعالما غير جاهل، ومالكا غير مملوك، وربا غير مربوب، فلزم بحكم العقل الإذعان له بأن إفاضته سجال خيره على غيره لا عن حاجة به إليه، ولا غرض يعود نفعه عليه، بل هو إفضال منه وإحسان، ومن شأنه ذلك، فلا داعي له إلى الظلم لمن عاقب، سوى العدل، ولا غرض له بمعافاة من عافى سوى الفضل، فصح الاستغراق الحقيقي في كلامه عليه السلام. ونظير قوله تعالى في محكم كتابه: «وله من في السماوات
فهو الاعتراف من المؤمنين. وأما الثاني: فهو الشامل لكل أحد مؤمنا كان أو كافرا، وذلك أن العقول متفقة على وجود الصانع سبحانه، والانقطاع إليه عند تضائق حلق البلاء عليه، كما أشار إليه سبحانه بقوله: وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه (1)، وهذا أمر مجبول عليه كل أحد، ولا تجد أحدا إلا وفزعه وانقطاعه إلى خالقه من كون في نفسه وطبعه.
وقد نبه بعضهم على هذا المعنى فقال: التوكل على الخالق والانقطاع إليه من طباع الخلق للعجز المعجون بجبلتهم، والحاجة المركبة في طبيعتهم. ومما يدلك على ذلك أنك لو فاتحت الأمة البلهاء، والمرأة الورهاء، والشيخ المنجد، والشاب الغرير (2)، والبدوي القح، والفارسي الأعجم، والهندي الأبكم، والرومي الطمطماني، والكيس الزكي، والغمر الغبي، لوجدت في أثناء حديثهم، وأعراض كلامهم، تسليما إلى غيرهم، وتفويضا إلى سواهم، وانقطاعا عن إصابتهم باستطاعتهم، ولو ذانا بما يجدون المراد بتسهيله عليهم ولا شك أن هذا أصل في الجوهر، وأول في الكون.
ومن الظاهر البين أن ذلك يستلزم ضرورة الاعتراف بكون هذا المنقطع عليه والمفزوع إليه قادرا غير عاجز، وقويا غير ضعيف، وغنيا غير فقير، وعالما غير جاهل، ومالكا غير مملوك، وربا غير مربوب، فلزم بحكم العقل الإذعان له بأن إفاضته سجال خيره على غيره لا عن حاجة به إليه، ولا غرض يعود نفعه عليه، بل هو إفضال منه وإحسان، ومن شأنه ذلك، فلا داعي له إلى الظلم لمن عاقب، سوى العدل، ولا غرض له بمعافاة من عافى سوى الفضل، فصح الاستغراق الحقيقي في كلامه عليه السلام. ونظير قوله تعالى في محكم كتابه: «وله من في السماوات