____________________
ثقلت موازينه بكثرة استحقاقه الثواب «فأولئك هم المفلحون» (1) ومن خفت موازينه بقلة اعمال الطاعات «فأولئك الذين خسروا أنفسهم» «وفي جهنم خالدون.» والقرآن إنما نزل بلغة العرب، وحقيقة كلامها ومجازه، ولم ينزل على ألفاظ العامة، وما سبق إلى قلوبها من الأباطيل (2). انتهى.
وممن ذهب إلى القول الثاني شيخنا البهائي طاب ثراه في شرح الأربعين فإنه قال: جمهور أهل الإسلام على هذا القول، للوصف بالخفة والثقل في القرآن والحديث، وأن الموزون: صحائف الأعمال، أو الأعمال أنفسها بعد تجسيمها في تلك النشأة.
والحق: أن الموزون فيها هو نفس الأعمال، لا صحائفها.
وما يقال من أن تجسيم العرض طور وراء طور العقل، فكلام ظاهري عامي.
والذي عليه الخواص من أهل التحقيق: أن سنخ الشيء وحقيقته أمر مغاير للصورة التي يتجلى بها على المشاعر الظاهرة، ويلبسها لدى المدارك الباطنة، وانه يختلف ظهوره في تلك الصور بحسب اختلاف المواطن والنشآت، فيلبس في كل موطن لباسا، ويتجلبب في كل نشأة بجلباب، كما قالوا: إن لون الماء لون إنائه.
وأما الأصل الذي تتوارد هذه الصور عليه ويعبرون عنه تارة بالسنخ، وتارة بالوجه، وأخرى بالروح، فلا يعلمه إلا علام الغيوب، فلا بعد في كون الشيء في موطن عرضا، وفي آخر جوهرا. ألا ترى إلى الشيء المبصر فإنه إنما يظهر لحس البصر إذا كان محفوفا بالجلابيب الجسمانية، ملازما لوضع خاص، وتوسط بين القرب والبعد المفرطين وأمثال ذلك. وهو يظهر في الحس المشترك عريا عن تلك
وممن ذهب إلى القول الثاني شيخنا البهائي طاب ثراه في شرح الأربعين فإنه قال: جمهور أهل الإسلام على هذا القول، للوصف بالخفة والثقل في القرآن والحديث، وأن الموزون: صحائف الأعمال، أو الأعمال أنفسها بعد تجسيمها في تلك النشأة.
والحق: أن الموزون فيها هو نفس الأعمال، لا صحائفها.
وما يقال من أن تجسيم العرض طور وراء طور العقل، فكلام ظاهري عامي.
والذي عليه الخواص من أهل التحقيق: أن سنخ الشيء وحقيقته أمر مغاير للصورة التي يتجلى بها على المشاعر الظاهرة، ويلبسها لدى المدارك الباطنة، وانه يختلف ظهوره في تلك الصور بحسب اختلاف المواطن والنشآت، فيلبس في كل موطن لباسا، ويتجلبب في كل نشأة بجلباب، كما قالوا: إن لون الماء لون إنائه.
وأما الأصل الذي تتوارد هذه الصور عليه ويعبرون عنه تارة بالسنخ، وتارة بالوجه، وأخرى بالروح، فلا يعلمه إلا علام الغيوب، فلا بعد في كون الشيء في موطن عرضا، وفي آخر جوهرا. ألا ترى إلى الشيء المبصر فإنه إنما يظهر لحس البصر إذا كان محفوفا بالجلابيب الجسمانية، ملازما لوضع خاص، وتوسط بين القرب والبعد المفرطين وأمثال ذلك. وهو يظهر في الحس المشترك عريا عن تلك