رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ٥ - الصفحة ٢٤٤
فكل البرية معترفة بأنك غير ظالم لمن عاقبت، وشاهدة بأنك متفضل على من عافيت، وكل مقر على نفسه بالتقصير عما استوجبت، فلو لا أن الشيطان يختدعهم عن طاعتك ما عصاك عاص، ولو لا أنه صور لهم الباطل في مثال الحق ما ضل عن طريقك ضال.
____________________
والعفو: ترك المؤاخذة بالتقصير والذنب.
ومدار هذه الفقرات أن إفاضته تعالى شآبيب كرمه، وجوده على عباده غير موقوف على الاستحقاق والاستيجاب، بل هي شأنه وديدنه.
وفيه رد على من زعم أن الثواب مترتب على العمل ترتب الشبع على الأكل.
والله أعلم.
«الفاء»: سببية، أي فبسبب (1) كون سنتك الإفضال، وعادتك الإحسان، وسبيلك العفو، كل البرية معترفة بأنك غير ظالم، إلى آخره، لجزم العقل بأن من شأنه ذلك لا يريد ظلما، فضلا عن أن يوقعه.
و «كل» هنا لاستغراق أفراد المضاف إليه. وهو مبتدأ خبره قوله: «معترفة».
وتأنيثه باعتبار المعنى، أو لاكتساب المضاف التأنيث من المضاف إليه، لصحة الاستغناء بالمضاف إليه عن المضاف، كما يقال: سقطت بعض أصابعه.
وفي نسخة ابن إدريس «وكل معترف وشاهد» وهو أحسن.
وعافاه الله: وهب له العافية من المكروه دنيويا كان أو أخرويا. وبين عاقبت وعافيت من البديع جناس التصحيف.
فإن قلت: كيف يصح هذا الاستغراق وكثير من الناس لا يعترف بوجوده فضلا عن عدله وجوده؟ قلت: يجوز أن يكون الاستغراق عرفيا، فالمراد بالبرية الموحدون منهم، وأن يكون

(1) " ألف ": فسبب.
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»
الفهرست