رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ٥ - الصفحة ٨٤
اللهم وأنت حدرتني ماء مهينا من صلب متضائق العظام، حرج المسالك إلى رحم ضيقة، سترتها بالحجب، تصرفني حالا عن حال حتى انتهيت بي إلى تمام الصورة، وأثبت في الجوارح، كما نعت في كتابك، نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما، ثم كسوت العظام لحما، ثم أنشأتني خلقا آخر كما شئت.
____________________
وإزالة الضرر، والرحمة اسم جامع. وقيل: الرحمة أكثر من الرأفة، والرأفة أقوى منها في الكيفية، لأنها عبارة عن إيصال النعم صافية عن ألم والرحمة إيصال النعم مطلقا، وكان سبحانه أرأف من استرحم، لأن رأفته بلا غاية، ورحمته بلا نهاية.
والفاء من قوله: «فارحمني» للسببية، أي إذا كنت كذلك فارحمني.
حدرت الشيء حدرا وحدورا - من باب قعد -: أنزلته إلى موضع منحدر، أي منخفض.
وفي الصحاح: حدرت السفينة أحدرها حدرا أرسلتها إلى أسفل، ولا يقال:
أحدرتها (1).
و «ماء» نصب على الحال.
والمهين: فعيل من مهن الشيء - بالضم - مهانة: أي حقر وضعف، وفيه تلميح إلى قوله تعالى في السجدة: ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين (2) وفي المرسلات «ألم نخلقكم من ماء مهين» (3).
قال الطبرسي: أي ضعيف، عن قتادة. وقيل: حقير مهان، إشارة إلى أنه من شيء حقير، لا قيمة له، وإنما يصير ذا قيمة بالعلم والعمل (4). انتهى.
والصلب - بالضم -: عظم يبتدئ من حد عظم الرأس المؤخر، وينتهي إلى عظم العصعص.
قال صاحب الكامل: وعظم الصلب ينقسم إلى أربعة أجزاء: أحدها: العنق،

(١) الصحاح: ج ٢ ص ٦٢٥.
(2) سورة السجدة: الآية 8.
(3) سورة المرسلات: الآية 20.
(4) مجمع البيان: ج 7 - 8 ص 327.
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست