رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ٥ - الصفحة ٤١٩
اللهم فإذ أفدتنا المعونة على تلاوته وسهلت جواسي ألسنتنا بحسن عبارته فاجعلنا ممن يرعاه حق رعايته، ويدين لك باعتقاد التسليم لمحكم آياته، ويفزع إلى الإقرار بمتشابهه وموضحات بيناته.
____________________
«الفاء» للإشعار بعلية ما قبلها من إعانته تعالى على ختم كتابه لجعل ما بعدها تعليلا للسؤال بأن يجعله ممن يرعاه حق رعايته لأن إذ للتعليل، وهل هي حرف أو ظرف خلاف وقد تقدم الكلام عليها في نظير هذه العبارة في الروضة الثانية والثلاثين.
والمعونة: اسم من المعاونة والمظاهرة فهي مفعلة بضم العين، وقيل: ميمها أصلية من الماعون، ووزنها فعوله، والأول هو المشهور.
وتلوت القرآن تلاوة: قرأته، وأصله من تلاه بمعنى أتبعه.
قال الراغب: التلاوة: تختص باتباع كتب الله المنزلة تارة بالقراءة وتارة بالارتسام لما فيه من أمر ونهي وترغيب وترهيب، أو ما يتوهم فيه ذلك، وهي أخص من القراءة، فكل تلاوة قراءة وليس كل قراءة تلاوة. فقوله تعالى: «وإذا تتلى عليهم آياتنا:» فهذا بالقراءة. وقوله: «يتلونه حق تلاوته:» مراد به الاتباع له بالعلم والعمل، وإنما استعمل التلاوة في قوله تعالى: «واتبعوا ما تتلوا الشياطين» لما كان يزعمه الشياطين إن ما يتلونه من كتب الله تعالى (1) انتهى.
وسهل الشيء بضم العين سهولة: لأن، وسهله تسهيلا لينه.
والجواسي: جمع جاسي فاعل من جسأ يجسؤ (2) من باب - منع - جسوا بالضم إذا يبس وصلب وغلظ، وإضافتها إلى الأسنة من باب إضافة الصفة إلى الموصوف، أي لينت ما يبس وصلب من ألسنتنا بحسن عبارته، والمراد بجسو الألسن: تلعثمها وعدم انطلاقها، وبتسهيلها بحسن عبارته: تمرينها وتثقيفها به.

(1) المفردات (للراغب): ص 75.
(2) " ألف ": جسا - يجسو.
(٤١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 ... » »»
الفهرست