____________________
بيان قول أمير المؤمنين صلوات الله عليه في خطبته الطالوتية «ولا كان خلوا عن الملك قبل إنشائه، ولا يكون خلوا منه بعد ذهابه» (1).
ولبعض أرباب العرفان من أصحابنا تقرير آخر في بيان ذلك، فإنه قال: بيان ذلك وتحقيقه: أن المخلوقات - وإن لم تكن موجودة في الأزل لأنفسها، وبقياس بعضها إلى بعض على أن يكون الأزل ظرفا لوجوداتها كذلك، إلا أنها - موجودة في الأزل لله سبحانه، وجودا جميعا وحدانيا غير متغير، بمعنى أن وجوداتها اللا يزالية الحادثة ثابتة لله سبحانه في الأزل كذلك. وهذا كما أن الموجودات الذهنية موجودة في الخارج إذا قيدت بقيامها بالذهن، وإذا أطلقت من هذا القيد فلا وجود لها إلا في الذهن. فالأزل يسع القديم والحادث، والأزمنة، وما فيها وما خرج عنها، وليس الأزل كالزمان وأجزائه محصورا مضيقا، يغيب بعضه عن بعض، ويتقدم جزء ويتأخر آخر، فإن الحصر والضيق والغيبة من خواص الزمان والمكان، وما يتعلق بهما.
والأزل: عبارة عن اللازمان السابق على الزمان سبقا غير زماني، وليس بين الله سبحانه وبين العالم بعد مقدر، لأنه إن كان موجودا يكون من العالم، وإلا لم يكن شيئا. ولا ينسب أحدهما إلى الآخر من حيث الزمان بقبلية ولا بعدية ولا معية، لانتفاء الزمان عن الحق، وعن ابتداء العالم. فسقط السؤال بمتى عن العالم، كما هو ساقط عن وجود الحق، لأن متى سؤال عن الزمان، ولا زمان قبل العالم. فليس إلا وجود بحت خالص ليس من العدم - وهو وجود الحق - ووجود من العدم، - وهو وجود العالم -، فالعالم حادث في غير زمان.
وإنما يتعسر فهم ذلك على الأكثرين، لتوهمهم الأزل جزءا من الزمان بتقدم سائر الأجزاء، وإن لم يسموه بالزمان، فإنهم أثبتوا له معناه، وتوهموا أن الله سبحانه
ولبعض أرباب العرفان من أصحابنا تقرير آخر في بيان ذلك، فإنه قال: بيان ذلك وتحقيقه: أن المخلوقات - وإن لم تكن موجودة في الأزل لأنفسها، وبقياس بعضها إلى بعض على أن يكون الأزل ظرفا لوجوداتها كذلك، إلا أنها - موجودة في الأزل لله سبحانه، وجودا جميعا وحدانيا غير متغير، بمعنى أن وجوداتها اللا يزالية الحادثة ثابتة لله سبحانه في الأزل كذلك. وهذا كما أن الموجودات الذهنية موجودة في الخارج إذا قيدت بقيامها بالذهن، وإذا أطلقت من هذا القيد فلا وجود لها إلا في الذهن. فالأزل يسع القديم والحادث، والأزمنة، وما فيها وما خرج عنها، وليس الأزل كالزمان وأجزائه محصورا مضيقا، يغيب بعضه عن بعض، ويتقدم جزء ويتأخر آخر، فإن الحصر والضيق والغيبة من خواص الزمان والمكان، وما يتعلق بهما.
والأزل: عبارة عن اللازمان السابق على الزمان سبقا غير زماني، وليس بين الله سبحانه وبين العالم بعد مقدر، لأنه إن كان موجودا يكون من العالم، وإلا لم يكن شيئا. ولا ينسب أحدهما إلى الآخر من حيث الزمان بقبلية ولا بعدية ولا معية، لانتفاء الزمان عن الحق، وعن ابتداء العالم. فسقط السؤال بمتى عن العالم، كما هو ساقط عن وجود الحق، لأن متى سؤال عن الزمان، ولا زمان قبل العالم. فليس إلا وجود بحت خالص ليس من العدم - وهو وجود الحق - ووجود من العدم، - وهو وجود العالم -، فالعالم حادث في غير زمان.
وإنما يتعسر فهم ذلك على الأكثرين، لتوهمهم الأزل جزءا من الزمان بتقدم سائر الأجزاء، وإن لم يسموه بالزمان، فإنهم أثبتوا له معناه، وتوهموا أن الله سبحانه