رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ٥ - الصفحة ٣٤٥

____________________
قطع مسافته قدم الاستقصاء، وكفى في ذلك قوله تعالى: «ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين. ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون» (1) فنبه سبحانه على أن إيثار التلذذ والنعم ما يؤدي إليه طول الأمل من أخلاق الكافرين لا من أخلاق المؤمنين.
وأما الآثار والأخبار: فمن ذلك ما ورد في الحديث القدسي: يا موسى لا تطول في الدنيا أملك فيقسو لذلك قلبك، وقاسي القلب مني بعيد (2).
وفي وصيته صلى الله عليه وآله لأبي ذر: يا أبا ذر: إياك والتسويف بأهلك، فإنك بيومك ولست بما بعده، فإن يكن لك غد فكن في الغد كما كنت في اليوم، وإن لم يكن غد، لم تندم على ما فرطت في اليوم.
يا أبا ذر: كم من مستقبل يوما لا يستكمله، ومنتظر غدا لا يبلغه.
يا أبا ذر: لو نظرت إلى الأجل ومصيره لأبغضت الأمل وغروره.
يا أبا ذر: كن كأنك في الدنيا غريب أو عابر سبيل، وعد نفسك من أصحاب القبور.
يا أبا ذر: إذا أصبحت لا تحدث نفسك بالمساء، وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح (3).
وعن أنس ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم خط خطا وقال: هذا الإنسان.
وخط إلى جنبه وقال: هذا أجله. وخط آخر بعيدا منه فقال: هذا الأمل. فبينما هو كذلك إذ جاءه الأقرب (4).
وفي خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام: إن أخوف ما أخاف عليكم اثنتان،

(١) سورة الحجر: الآية ٢ و ٣.
(٢) الجواهر السنية في الأحاديث القدسية: ص ٣١.
(٣) مكارم الاخلاق: ص ٤٥٩:.
(٤) غرائب القرآن ورغائب الفرقان: ج 2 ص 394.
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»
الفهرست