ما يكون بين المصلي وسترته يعني قدر ممر الشاة. وقيل أقل ذلك ثلاثة أذرع لحديث ابن عمر عن بلال الذي أشار إليه المصنف. ولفظه في البخاري عن نافع أن عبد الله كان إذا دخل الكعبة مشى قبل وجهه حين يدخل وجعل الباب قبل ظهره، فمشى حتى يكون بينه وبين الجدار الذي قبل وجهه قريب من ثلاثة أذرع صلى، يتوخى المكان الذي أخبره به بلال أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى فيه. وجمع الداودي بأن أقله ممر الشاة وأكثره ثلاثة أذرع. وجمع بعضهم بأن ممر الشاة في حال القيام، والثلاثة الأذرع في حال الركوع والسجود، كذا قال ابن رسلان. والظاهر أن الامر بالعكس، قال ابن الصلاح: قدروا ممر الشاة بثلاثة أذرع. قال الحافظ: ولا يخفى ما فيه، قال ابن رسلان:
وثلث ذراع أقرب إلى المعنى من ثلاثة أذرع. قال البغوي: استحب أهل العلم الدنو من السترة بحيث يكون بينه وبينها قدر إمكان السجود، وكذلك بين الصفوف اه.
وعن طلحة بن عبيد الله قال: كنا نصلي والدواب تمر بين أيدينا فذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: مثل مؤخرة الرحل يكون بين يدي أحدكم، ثم لا يضره ما مر بين يديه رواه أحمد ومسلم وابن ماجة.
قوله: مثل مؤخرة الرحل قد تقدم ضبطه وتفسيره. قوله: بين يدي أحدكم هذا مطلق، والأحاديث التي فيها التقدير بممر الشاة وبثلاثة أذرع مقيدة لذلك. قوله:
ثم لا يضره ما مر بين يديه لأنه قد فعل المشروع من الاعلام بأنه يصلي، والمراد بقوله:
لا يضره الضرر الراجع إلى نقصان صلاة المصلي، وفيه إشعار بأنه لا ينقص من صلاة من اتخذ سترة لمرور من مر بين يديه شئ وحصول النقصان إن لم يتخذ ذلك، وسيأتي الكلام فيه، وقد قيد بما إذا كان منفردا أو إماما، وأما إذا كان مؤتما فسترة الامام سترة له. وقد بوب البخاري وأبو داود لذلك، وأخرج الطبراني في الأوسط عن أنس مرفوعا: سترة الامام سترة لمن خلفه وفي إسناده سويد بن عاصم، وقد تفرد به وهو ضعيف. وأخرج نحوه عبد الرزاق عن ابن عمر موقوفا عليه. وروى عبد الرزاق التفرقة بين من يصلي إلى سترة أو إلى غير سترة عن عمر، لان الذي يصلي إلى غير سترة مقصر بتركها لا سيما إن صلى إلى شارع المشاة.
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا، فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يكن معه عصا فليخط خطا، ولا يضره ما مر بين يديه رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة.