قال أبو محمد: الحجة في إجازة (1) انكاح الأب ابنته الصغيرة البكر انكاح أبى بكر رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة رضي الله عنها وهي بنت ست سنين، وهذا أمر مشهور غنينا عن ايراد الاسناد فيه فمن ادعى أنه خصوص لم يلتفت قوله لقول الله عز وجل (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر) فكل ما فعله عليه الصلاة والسلام فلنا ان نتأسى به فيه الا أن يأتي نص بأنه له خصوص (2)، فان قال قائل: فان هذا فعل منه عليه الصلاة والسلام وليس قولا فمن أين خصصتم البكر دون الثيب والصغيرة دون الكبيرة وليس هذا من أصولكم؟ قلنا: نعم إنما اقتصرنا على الصغيرة البكر للخبر الذي رويناه من طريق مسلم نا ابن أبي عمر نا سفيان هو بان عيينة عن زياد بن سعد عن عبد الله بن الفضل سمع نافع بن جبير يخبر عن ابن عباس (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر يستأذنها أبوها في نفسها واذنها صماتها) فخرجت الثيب صغيرة كانت أو كبيرة بعموم هذا الخبر وخرجت البكر البالغ به أيضا لان الاستئذان لا يكون الا للبالغ العاقل (3) للأثر الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم (رفع القلم عن ثلاث فذكر فيهم الصغير حتى يبلغ) فخرجت البكر التي لا أب لها بالنص المذكور أيضا فلم تبق الا الصغيرة البكر ذات الأب فقط، فان قيل: فلم لم تجيزوا انكاح الجد لها كالأب، قلنا: لقول الله تعالى: (ولا تكسب كل نفس الا عليها) فلم يجز ان يخرج من هذا العموم الا ما جاء به الخبر فقط، وهو الأب الأدنى، وبالخبر المذكور يبطل قول الحسن. وإبراهيم الذي ذكرنا آنفا، وأما قول مالك في التي بقيت مع زوجها أقل من سنة ولم يطأها ان أباها يزوجها بغير اذنها فان أتمت مع زوجها سنة وشهدت المشاهد لم يكن له أن يزوجها الا باذنها ففي غاية الفساد لأنه تحكم لا يعضده قرآن. ولا سنة. ولا رواية ضعيفة. ولا قول أحد قبله جملة. ولا قياس. ولا رأى له وجه * وأما الحاق الشافعي الصغيرة الموطوءة بحرام بالثيب فخطأ ظاهر لأننا نسألهم ان بلغت فزنت أبكر هي في الحد أم ثيب، فمن قولهم: انها بكر فظهر فساد قولهم وصح أنها في حكم البكر، وأما من جعل للثيب والبكر إذا بلغت أن تنكح من شاءت وان كره أبوها ومن جعل للأب أن ينكحها وان كرهت فكلاهما خطأ بين للأثر الثابت الذي ذكرنا آنفا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر يستأذنها أبوها) ففرق عليه الصلاة والسلام بين الثيب والبكر فجعل للثيب أنها أحق بنفسها من وليها فوجب بذلك أنه لا أمر للأب في إنكاحها وانها أحق بنفسها منه ومن
(٤٦٠)