إذ لو أراد عليه الصلاة والسلام كل مسلم لكان قوله: (من لا ولى له) محالا باطلا وحاش له من فعل ذلك فصح أنهم العصبة الذين يوجدون لبعض النساء ولا يوجدون لبعضهن * وأما قول أبى سليمان فإنما عول على الخبر الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله:
(البكر يستأذنها أبوها والثيب أحق بنفسها من وليها) * قال أبو محمد: وهذا لو لم يأت غيره لكان كما قال أبو سليمان لكن قوله عليه الصلاة والسلام: (أيما امرأة نكحت بغير اذن وليها فنكاحها باطل) عموم لكل امرأة ثيب أو بكر، وبيان هذا (1) القول أن معنى قوله عليه الصلاة السلام:
(والثيب أحق بنفسها من ولها) انه لا ينفذ عليها أمره بغير اذنها ولا تنكح الا من شاءت فإذا أرادت النكاح لم يجز لها الا بأذن وليها فان أبى أنكحها السلطان على رغم انف الولي الابي، وأما من لم ير لولى معنى فإنهم احتجوا بقول الله تعالى: (حتى تنكح زوجا غيره) وبقول الله تعالى: (فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن) وقد قلنا: إن قوله تعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم) بيان في أن نكاحهن لا يكون الا بإذن الولي ، واحتجوا بأن أم حبيبة أم المؤمنين رضي الله عنها زوجها النجاشي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا لا حجة لهم فيه لان الله تعالى يقول: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) فهذا خارج من قوله عليه الصلاة والسلام: (أيما امرأة نكحت (2) بغير اذن وليها فنكاحها باطل)، ووجه آخر وهو أن هذا القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الزائد على معهود الأصل لان الأصل بلا شك ان تنكح المرأة من شاءت بغير ولى فالشرع الزائد هو الذي لا يجوز تركه لأنه شريعة واردة من الله تعالى كالصلاة بعد ان لم تكن والزكاة بعد ان لم تكن وسائر الشرائع ولا فرق، واحتجوا بخبر فيه ان عمر بن أبي سلمة هو زوج أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها من النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا خبر إنما رويناه من طريق ابن عمر بن أبي سلمة وهو مجهول، ثم لو صح لكان القول فيه كالقول في حديث أم حبيبة سواء سواء مع أن عمر بن أبي سلمة كان يومئذ صغيرا لم يبلغ، هذا لا خلاف فيه بين أحد من أهل العلم بالاخبار فمن الباطل أن يعتمد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عقد من لا يجوز عقده ويكفى في رد هذا كله ما حدثناه يحيى بن عبد الرحمن بن مسعود نا أحمد بن دحيم بن خليل نا إبراهيم بن حماد نا إسماعيل بن إسحاق نا عارم هو محمد بن الفضل نا حماد بن زيد عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال: لما نزلت في زينب بنت جحش (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها) قال: فكانت تفخر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم تقول: زوجكن اهلوكن