الصحيح أيضا من أكثر من ثلث ماله واتهموه أيضا انه يفر بماله عن ورثته فجائز أن يموت ويرثوه كما يجوز ذلك في المريض. وجائز أن يموت الوارث فيرثه المريض كما يرثه الصحيح ولا فرق، وكم من صحيح يموت (1) قبل مريض وأيضا فاتهموا الشيخ الذي قد جاوز التسعين وامنعوه أكثر من ثلثه لئلا يفر بماله عن ورثته، فان قلتم: قد يعيش أعواما قلنا: وقد يبرأ المريض فيعيش عشرات أعوام وإذ ليس الا التهمة فلا تتهموا من يرثه ولده فاجعلوا فعله من رأس ماله واتهموا من يرثه عصبته فلا تطلقوا له الثلث، فان قالوا:
هذا خلاف النص قلنا: وفعلكم خلاف النص في التقرب إلى الله تعالى بما يحبه المرء من ماله قال تعالى: (وأنفقوا مما رزقناكم) وقال تعالى: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) والمريض أحوج ما كان إلى ذلك، وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أفضل الصدقة؟
فقال: جهد المقل، فان قالوا: قد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل الصدقة؟ فقال: ان تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى لا أن تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت:
لفلان كذا ولفلان كذا ألا وقد كان لفلان، قلنا: نعم هذا حق صحيح وإنما فيه تفاضل الصدقة فقط وليس فيه منع من مرض وأيقن بالموت من أكثر من ثلث ماله أصلا لا بنص.
ولا بدليل. ولا بوجه من الوجوه * قال أبو محمد: ثم نسألهم عن مال المريض لمن هواله أم للورثة؟ فان قالوا: بل له كما هو للصحيح قلنا: فلم تمنعونه ماله دون أن تمنعوا الصحيح وهذا ظلم ظاهر، ولو قالوا:
بل هو للورثة لقالوا: الباطل لان الوارث لو أخذ منه شيئا لقضى عليه برده ولو وطئ أمة المريض لحد ولو كان ذلك لما حل للمريض أن يأكل منه هو ومن تلزمه نفقته من غير الورثة، ولا ندري من أين أطلقوا للمريض ان يأكل من ماله ما شاء ويلبس ما شاء وينفق على من إليه من عبيد وإماء؟ وان أتى على جميع المال ومنعوه من الصدقة بأكثر من الثلث ان هذا لعجب لا نظير له! فظهر فساد هذا القول جملة وتعريه عن أن يوجد عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم وإنما وجد عن نفر يسير من التابعين مختلفين، وقد خالفوا بعضهم في قوله في ذلك كخلافهم للشعبي في فعل المسافر في ماله وغير ذلك على أن الشعبي أقوى حجة منهم لأنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم السفر قطعة من العذاب، وروى أيضا (المسافر ورحله على قلت (2) الا ما وقى الله) وبالله تعالى التوفيق * قال أبو محمد: ووجدناهم يشنعون بآثار لا حجة لهم في شئ منها يجب التنبيه عليها بحول الله تعالى، منها الأثر الذي قد ذكرناه قبل هذا بأوراق في باب تبدية ديون