أيوب السختياني ومحمد بن سيرين كلاهما عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران ابن الحصين أن رجلا من الأنصار أعتق ستة أعبد له عند موته لم يكن له مال غيرهم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال فيه قولا شديدا ثم دعاهم فجزأهم أثلاثا ثم أقرع بينهم فاعتق اثنين وارق أربعة، ورويناه أيضا من طريق أيوب. وحبيب بن الشهيد. وهشام ابن حسان. ويحيى بن عتيق كلهم عن ابن سيرين عن عمران بن الحصين كما أوردنا، وسماع ابن سيرين من عمران صحيح ورويناه أيضا من طريق عوف بن أبي جميلة عن ابن سيرين عن أبي هريرة * قال أبو محمد: فقلنا: هذا خبر صحيح لا تحل مخالفته الا أنه لا يحل (1) للحنيفيين ولا للمالكيين ولا للشافعيين الحجة به أصلا فيما عدا العتق لأنه قياس والقياس باطل كله كما لم يختلفوا في أنه لا يحل ان يقاس على الخبر الثابت في التقويم على من أعتق شركا له في مملوك وانه لا يجوز أن يتعدى به ما جاء فيه من العتق خاصة لا إلى صدقة ولا إلى أنفاق ولا إلى اصداق ولا إلى غير ذلك لا سيما والحنيفيون قد خالفوا نصه فيما جاء فيه فكيف يحتجون به فيما ليس فيه منه أثر وهذا عار جدا، وأما أصحابنا فليس لهم فيه حجة لأنه ليس في شئ من هذا الخبر ان الرجل كان مريضا وإنما فيه عند موته وقد يفجأ الموت الصحيح فيوقن به فلا يحل أن يقحم في الخبر ما ليس فيه من ذكر المرض فبطل تعلقهم به، وأيضا فقد بينا قبل إن هذا العتق للستة الأعبد إنما كان وصية كما روينا من طريق عبد الوهاب الثقفي عن أيوب بالاسناد المذكر، وفى هذا كفاية، ووجه ثالث وهو أنه قد بين في ذلك الخبر انه لم يكن له مال غيرهم ونحن نقول بهذا حقا فلا يجوز لاحد عتق في عبد أو عبيد لا مال له غيره ينفذ من ذلك العتق ما وقع فيمن به عنه غنى ويبطل في مقدار ما لا غنى به عنه فلو صح أن ذلك الفعل لم يكن وصية لكان حمل الحديث على هذا الوجه أحق بظاهره وأولى من حمله على أنه عليه السلام أجاز للمريض ثلث ماله إذ ليس في الخبر دليل على هذا أصلا فبطل تعلق أصحابنا بهذا الخبر جملة وصح قولنا ولله الحمد وكذلك الخبر الساقط الذي رويناه من طريق سعيد بن منصور نا هشيم انا خالد عن أبي قلابة عن رجل من بنى عذرة أن رجلا منهم أعتق غلاما له عند موته لم يكن له مال غيره فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتق منه الثلث واستسعى في الثلثين، فالقول في هذا الخبر لو صح كالقول في خبر عمران فكيف وهو باطل لأنه مرسل وعن مجهول لا يدرى من هو أيضا، وأما ما روى في ذلك عن علي. وابن مسعود فباطل لا يصح لان القاسم بن
(٣٥٨)