مملوك له يملكه حين الوصية فإنه ليس له أن يرجع فيه أصلا الا باخراجه إياه عن ملكه بهبة أو بيع أو غير ذلك من وجوه التمليك، وأما من أوصى بان يعتق عنه رقبة فله ان يرجع في ذلك وقد اختلف الناس في هذا * وروينا من طريق الحجاج بن المنهال نا همام بن يحيى عن قتادة عن عمرو بن شعيب عن عبد الله بن أبي ربيعة أن عمر بن الخطاب قال:
يحدث الله في وصيته ما شاء وملاك الوصية آخرها، وصح عن طاوس. وعطاء، وأبى الشعثاء جابر بن زيد. وقتادة. والزهري ان للموصى ان يرجع في وصيته عتقا كان أو غيره وهو قول أبي حنيفة. ومالك. والشافعي، وقال آخرون: بخلاف ذلك * روينا عن إبراهيم النخعي فيمن أوصى ان مات ان يعتق غلام له فقال أليس له أن يرده في الرق وليس العتق كسائر الوصية * ومن طريق عبد الرزاق. والضحاك بن مخلد كلاهما عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق الشيباني عن الشعبي قال: كل صاحب وصية يرجع فيها الا العتاقة * ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن ابن شبرمة وغيره من علماء أهل الكوفة قالوا: كل صاحب وصية يرجع فيها الا العتاقة وبه يقول سفيان الثوري * قال أبو محمد: احتج المجيزون للرجوع في العتق في الوصية بأنه قول صاحب لا يعرف له مخالف من الصحابة وبأنهم قاسوه على سائر الوصايا ما نعلم لهم شيئا تعلقوا به غير هذا وكله لا متعلق لهم به، أما قولهم: انه قول صاحب لا يعرف له مخالف من الصحابة فلا حجة في قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم ورب قضية خالفوا فيها عمر ولا يعرف له مخالف في ذلك من الصحابة كقوله في اليربوع يصيبه المحرم بعناق وفى الأرنب بجدى وسائر ذلك مما قد تقصيناه في مواضعه والحمد لله رب العالمين على ذلك * وأما قياسهم لذلك على سائر الوصايا فالقياس كله باطل ثم لو كان القياس حقا لكان هذا منه عين الباطل لان الحنيفيين. والمالكيين لا يجيزون الرجوع في التدبير ولا بيع المدبر وهذه وصية بالعتق في كل حال لأنه عتق لما لا يجب الا بالموت ولا يخرج الا من الثلث وهذا صفة سائر الوصايا، واعجب شئ تبديتهم العتق على سائر الوصايا وتأكيدهم إياه وتغليظهم فيه ثم سووه ههنا بسائر الوصايا فاعجبوا لهذه الآراء وهذه المقاييس، والشافعي في أحد قوليه لا يجيز الرجوع في التدبير وهو عنده وصية بالعتق وهذا تناقض لا خفاء به، وقياس الوصية بالعتق على الوصية بالعتق أولى من قياس الوصية بالعتق على الوصية بغير العتق وكلهم لا يجيز الرجوع في العتق بالصفة البتة والوصية بالعتق عتق بصفة فعاد قياسهم عليهم فإذ قد بطل قولهم فعلينا بعون الله تعالى أن نأتى بالبرهان على صحة قولنا فنقول وبالله تعالى التوفيق قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) وكان عهده بعتعه عبده