لأنه لم يأت قط عن أحد من هؤلاء ولا من غيرهم تبدية العتق في المرض في الثلث والمحاباة في المرض في الثلث على سائر الوصايا إنما جاء عمن ذكرنا تبدية العتق على سائر الوصايا وعن النخعي. والشعبي في أحد قوليهما تبدية عتق من أوصى بعتقه باسمه وعينه وهو في ملك الموصى على سائر الوصايا فقد خالف المذكورون كل من ذكرنا بآراء مخترعة في غاية الفساد، فان قالوا: وقع ذلك لنا لان العتق في المرض والمحاباة في المرض أوكد من سائر الوصايا قلنا: هذا باطل من وجهين أحدهما انه دعوى كاذبة لا دليل على صحتها من أين وجب أن تكون محاباة النصراني في بيع ثوب حرير. أو لخليع ماجن في بيع تفاح لنقله اوكد من الوصية في سبيل الله عز وجل في ثغور مهمة ومن فك مسلم فاضل أو مسلمة كذلك أو صغار مسلمين من أسر العدو ونخاف عليهم الفتنة في الدين والفضيحة في النفس؟ ان هذا لعجب ما مثله عجب! ودعاوى فاحشة مفضوحة بالكذب، فان قالوا: العتق في المرض قد استحقه المعتق وكذلك المحاباة قلنا: فإن كانا قد استحقاه فلم تردانهما إلى الثلث إذا وما هذا التخليط تارة يتسحق ذلك وتارة لا يستحق وفى هذا كفاية في فساد تلك الأقوال التي هي النهاية في الفساد نحمد الله تعالى على تخليصه إيانا من الحكم بها في دينه وعلى عباده ولم يبق الا قول من قال بتقديم العتق جملة على سائر الوصايا وهو قول من ذكرنا من المتقدمين وقول سفيان. وإسحاق * قال أبو محمد: احتج هؤلاء بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله (من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوا من أعضائه من النار حتى فرجه بفرجه، وقالوا: من الدليل على تأكيد العتق ان رسول الله صلى الله عليه وسلم انفذ عتق الشريك في حصة شريكه، وذكروا خبرا رواه بشر بن موسى عن عبد الله بن يزيد المقرى عن حياة بن شريح عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب قال: مضت السنة أن يبدأ بالعتق في الوصية وقالوا: هو قول ابن عمر وهو صاحب لا يعرف له من الصحابة مخالف، وقالوا: هو قول جمهور العلماء، وقال بعضهم: العتق لا يلحقه الفسخ وسائر الأشياء يلحقها الفسخ وقال بعضهم: لو أن امرءا أعتق عبد غيره وباعه آخر فبلغ ذلك السيد فأجاز الامرين جميعا انه يجوز العتق ويبطل البيع ولو أن امرءا وكل رجلا بعتق عبده ووكل آخر بيعه فوقع البيع والعتق من الوكيلين معا ان العتق نافذ والبيع باطل * قال على: اما هاتان القضيتان فهو نصر منه للخطأ بالضلال وللوهم بالباطل بل ليس لسيد إجازة عتق وقع بغير اذنه ولا إجازة بيع وقع بغير أمره لان كل ذلك حرام بنص القرآن والسنة. والاجماع قال الله تعالى: (ولا تكسب كل نفس الا عليها) وقال
(٣٣٥)