رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ان دماءكم وأموالكم عليكم حرام) فمن أحل الحرام فتحليله باطل وقوله مردود لكن ان أحب نفاذ عتق عبده فليعتقه هو بلفظه مبتدئا وان أحب بيعه فليبعه كذلك مبتدئا ولا بد، والتوكيل في العتق لا يجوز لأنه لم يأت بإجازته قرآن ولا سنة وأما التوكيل في البيع فجائز بالسنة فمن وكل بعتق عبده لم ينفذ عتقه أصلا ومن وكل في بيعه جاز ذلك، واما قولهم: العتق لا يلحقه فسخ وسائر الأشياء يلحقها فسخ فقد كذبوا وكل عقد من عتق أو غيره وقع صحيحا فلا يجوز فسخه الا أن يأتي بايجاب فسخه قرآن أو سنة والعتق الصحيح قد يفسخ وذلك من أعتق عبدا نصرانيا ثم أن ذلك العبد النصراني لحق بدار الحرب فسبى وقسم فان عتقه الأول يفسخ عندنا وعندهم فظهر فساد قولهم كله. وأما قولهم: انه قول جمهور العلماء فقد خالفهم من ليس دونهم كعطاء. وابن سيرين. والشعبي والحسن. وليس قول الجمهور حجة لأنه لم يأت بذلك قرآن ولا سنة وما كان هكذا فلا يعتمد عليه في الدين. أما قولهم: انه قول ابن عمر ولا يعرف له مخالف من الصحابة فإنه عن ابن عمر لا يصح لأنه من رواية أشعث بن سوار وهو ضعيف ولم يأمر الله تعالى بالرد عند التنازع الا إلى كلامه. وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام لا إلى كلام صاحب ولا غيره فمن رد عند التنازع إلى غير كلام الله تعالى وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد تعدى حدود الله تعالى ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه قال تعالى: (فان تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر). وأما الرواية عن سعيد ابن المسيب مضت السنة أن يبدأ بالعتق في الوصية فهذا غير مسند ولا مرسل أيضا، من أضاف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل هذا فقد كذب عليه ومن كذب عليه متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ولم يقل سعيد رحمه الله: ان هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا حكمه وقد يقول ابن المسيب وغيره: مثل هذا في قول صاحب، ومن أعجب ممن لا يرى قول ابن عباس بأصح طريق إليه في قراءة أم القرآن في الصلاة على الجنازة انها السنة حجة ثم يرى قول سعيد بن المسيب لذلك حجة وحتى لو أن سعيد بن المسيب يقول: ان هذا حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله لكان مرسلا لا حجة فيه * وأما احتجاجهم في تأكيد العتق بالخبر الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن أعتق رقبة * وانفاذه عليه الصلاة والسلام عتق الشريك في حصة شريكه فهما سنتا حق بلا شك وليس فيهما الأفضل العتق والحكم في فقط ولم يخالفونا في شئ من هذا وليس في هذين الخبرين أن العتق أوكد مما سواه من القرب أصلا ومن ادعى ذلك فيهما فقد كذب وقال الباطل بل قد جاء نص القرآن بالتسوية بين العتق والاطعام لمسكين قال تعالى: (وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو اطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة
(٣٣٦)