المعتق لنفسه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الولاء لمن أعتق) فبطل أن يكون الولاء في ذلك للسيد ووجب أن يكون ولاؤه لنفسه لأنه هو الذي أعتق على نفسه، وهذا خلاف قولكم، وان قلتم: لا يعتق بذلك لزمكم أن تجيزوا له أن يبيع نفسه وأنتم لا تقولون بهذا فوضح (1) تناقض قولكم وفساده بلا شك، وبالله تعالى التوفيق. فان قالوا: قد قال الله تعالى حاكيا عن موسى عليه الصلاة والسلام ومصوبا له انه: (قال رب انى لا أملك الا نفسي وأخي) قلنا: صدق الله عز وجل وصدق موسى صلى الله عليه وسلم وكذب من يحرف الكلم عن مواضعه أن موسى عليه الصلاة والسلام لم يعن قط بلا خلاف من أحد وبضرورة الحس ملك رق نفسه ورق أخيه عليهما السلام ومن قال هذا فقد كفر وسخف وتوقح ما شاء وإنما عنى بلا شك ولا خلاف ملك التصرف في أمر ربه عز وجل، وهذا حق لا ينكره ذو عقل، فمن أضعف قولا وافحش جهلا ممن يحتج (2) بآية في خلاف نصها ومعناها ان هذا لأمر عظيم نعوذ بالله من مثله. فإذ قد بطل أن يملك أحد رق نفسه فقد بطل تمليكه ذلك إذ بطل تمليكه ذلك فقد بطل أن يكون له حكم نافذ غير الانكار والابطال، وصح قولنا والحمد لله رب العالمين وأما ابطال الأوزاعي الوصية لعبد جملة فخطأ ظاهر لان الله تعالى أمر بالوصية جملة ولم يخص العبد من الحر، قال تعالى: (من بعد وصية يوصى بها أو دين) فكل وصية جائزة الا وصية منع منها نص قرآن أو سنة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (في كل ذي كبد رطبة أجر) فان قيل العبد لا يملك قلنا: بل يملك لان الله تعالى أجاز للعبد النكاح وأمر بانكاح الإماء وكلف الناكح جملة النفقة والاسكان والصداق ولا يكلف ذلك الا مالك وكل ذلك فرض على كل ناكح قال تعالى: (فانكحوهن باذن أهلهن وآتوهن أجورهن) فأمر تعالى باعطاء الأمة مهرها فصح أنه لها ملك صحيح، وقال تعالى: (وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم أن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) وهذا نص ظاهر فصح أن ملك العبيد والإماء للمال وكونهم أغنياء وفقراء كالأحرار، فان ذكروا قول الله عز وجل: (عبدا مملوكا لا يقدر على شئ) قلنا:
لم يقل الله تعالى: ان هذه صفة كل مملوك إنما ذكر من هذه صفته من المماليك وقد قال تعالى:
(رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شئ) افترون كل أبكم فواجب لا يملك المال أصلا ولا فرق ببين النصين؟ * وبرهان صحة قولنا: ان الله تعالى لم يقل عبدا مملوكا لا يمكن أن يملك مالا إنما قال: لا يقدر على شئ والله تعالى لا يقول الا الحق ونحن نرى العبيد يقدرون على أشياء كقدرة الأحرار أو أكثر فيقدرون على الصلاة والصيام والطهارة