ليلة (1) مذ حملت به فحكمه حكمها حتى يتم له العدد المذكور فما عتق منها بالأداء عتق منه فإذا نفخ فيه الروح فقد استقر أمره ولا يزيد قيمة (2) العتق فيه بعد بأدائها * برهان ذلك ما ذكرناه في المسألة التي قبل هذه من حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بان المكاتب يعتق منه بقدر ما أدى ويرق بقدر ما لم يؤد فهذا يوجب كل ما ذكرنا وإذ هو عبد ما لم يؤد فبيع المرء عبده ووطؤه أمته حلال له وما علمنا في دين الله تعالى مملوكا ممنوعا من بيعه، ومنع الحنيفيون. والمالكيون من البيع والوطئ وما نعلم لهم في ذلك حجة أصلا لا من قرآن. ولا سنة. ولا قياس. ولا معقول بل قولهم خلاف ذلك كله لا سيما مع احتجاجهم لقولهم الفاسد بما لم يصح من أن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم فإذا هو عبد فما المانع من بيعه وإذ هي أمة فما المانع من وطئها والله تعالى يقول: (والذين هم لفروجهم حافظون الا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين) فلا تخلو من أن تكون مما ملكت يمينه فوطؤها له حلال أو مما لا تملك يمينه فهي اما حرة واما أمة لغيره لا يعقل في دين الله تعالى وفى طبيعة العقول الا هذا، ولو أنهم اعترضوا بهذا على أنفسهم مكان اعتراضهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في تزوجه أم المؤمنين صفية وجعل عتقها صداقها فقالوا: لا يخلو من أن يكون تزوجها وهي مملوكة له فلا يجوز ذلك أو يكون تزوجها وهي حرة فهذا نكاح بلا صداق لكان أسلم لهم من الاثم في الأخرى ومن السخرية بهذا القول السخيف في الأولى، وجوابهم أنه عليه الصلاة والسلام ما تزوجها الا وهي حرة بصداق صحيح قد حصلت عليه وأتاها إياه كما أمره ربه عز وجل وهو عتقها التام لها قبل الزواج ان تزوجته ولا يخلو المكاتب (3) ضرورة من أحد أقسام أربعة لا خامس لها اما أن يكون حرا من حين العقد كما ذكر عن بعض الصحابة رضي الله عنهم وهم لا يقولون بهذا أو يكون عبدا كما يقولون أو يكون عبدا ما لم يؤد فإذا أدى (4) شرع فيه العتق فكان بعضه حرا وبعضه مملوكا كما نقول نحن أو يكون (5) لا حرا ولا عبدا ولا بعضه حر ولا بعضه عبد وهذا محال لا يعقل، فإذ هو عندهم عبد فبيع العبد ووطئ الأمة حلال ما لم يمنع من ذلك نص ولا نص ههنا مانعا من ذلك أصلا بل قد جاء النص الصحيح والاجماع المتيقن على جواز بيع المكاتب الذي لم يؤد شيئا كما روينا من طريق البخاري نا قتيبة نا الليث - هو ابن سعد - عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير (أن عائشة أم المؤمنين أخبرته أن بريرة جاءت تستعينها في كتابتها ولم تكن قضت من كتابتها شيئا فقالت لها عائشة: ارجعي إلى أهلك فان أحبوا أن أقضى
(٢٣٣)