وهذا قول يكفي ايراده من فساده لأنه لم تأت به سنة ولا أيده قياس ولا يعرف عن أحد قبله، وتفريق فاسد فسقط جملة، وأما القول المروى عن علي. وابن مسعود. وابن عباس فإنه لم يصح عن أحد منهم، أما ابن مسعود فرويناه من طريق سفيان بن عيينة عن مطرف ابن طريف عن رجل عن القاسم هو ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن ابن مسعود أنه قال: لا حبس الا في سلاح أو كراع. وهذه رواية ساقطة لأنها عن رجل لم يسم ولان والد القاسم لا يحفظ عن أبيه كلمة وكان له إذ مات أبوه ست سنين فكيف ولده ولا نعرفها عن ابن عباس أصلا ولا عن علي بل نقطع على أنها (1) كذب على على لان ايقافه ينبع وغيرها أشهر من الشمس والكذب كثير، ولعل من ذهب إلى هذا يتعلق بأنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يجعل ما فضل عن قوته في السلاح والكراع قال أبو محمد: فيقال: نعم وان صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ايقاف غير الكراع والسلاح وجب القول به أيضا وقد صح ذلك فبطل أيضا هذا القول * وأما من أبطل الحبس جملة فان عبد الملك بن حبيب روى عن الواقدي قال: مامن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الا وقد أوقف وحبس أرضا الا عبد الرحمن بن عوف فإنه كان يكره الحبس، وهذه رواية أخباث فإنها زادت ما جاءت فيه ضعفا ولعله قبلها كان أقوى وأما مالك ومن قلده فإنهم احتجوا بأنهم قاسوا على ما جاء فيه النص ما لا نص فيه قال أبو محمد: والقياس كله باطل فكيف والنص يبطله لان ايقاف الشئ لغير مالك من الناس واشتراط المنع من أن يورث أو يباع أو يوهب شروط ليست في كتاب الله عز وجل وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فليس له وان شرط مائة مرة كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل) فصح أنه لا يجوز من هذه الشروط الا ما نص رسول الله صلى الله عليه وسلم على جوازه فقط فكان ذلك في كتاب الله تعالى لقوله عز وجل: (وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى) ولقوله تعالى: (لتحكم بين الناس بما أراك الله) لا سيما الدنانير. والدراهم وكل ما لا منفعة فيه الا باتلاف عينه أو اخراجها عن ملك إلى ملك فهذا هو نقض الوقف وابطاله، ويمكن أن يحتجوا بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا مات الانسان انقطع عمله الا من ثلاث أشياء من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) فهذا لا حجة لهم فيه لان الصدقة الجارية لاشك في أنه عليه الصلاة والسلام لم يعن بها الا ما أجازه من الصدقات لا كل ما يظنه المرء صدقة كمن تصدق بمحرم أو شرط في صدقته شرطا ليس في كتاب الله عز وجل، فصح
(١٧٦)