فقالوا: المسجد اخراج إلى المصلين فيه فقلنا: كذبتم لأنهم لا يملكونه بذلك وصلاتهم فيه كصلاتهم في طريقهم في قضاء متملك ولا فرق، وقالوا: إنما خرجت عن ملكه بموته فقلنا: فأجيزوا بهذا من أوصى فقال: تخرج داري بموتى عن ملكي إلى غير مالك ولا فرق لان هذا القول نظير الحبس عندكم في الحياة فوجب أن يكون نظيره في الموت ولا فرق، وقالوا: لما كانت الصدقات لا تجوز الا حتى تحاز وكان الحبس لا مالك له وجب أن يبطل فقلنا: هذا احتجاج للخطأ وقد أبطلنا قولكم: ان الصدقة لا تصح حتى تقبض وبينا أنه رأى من عمر، وعثمان رضي الله عنهما قد خالفهما غيرهما فيه كابن مسعود. وعلى رضي الله عنهما فكيف والحبس خارج إلى قبض الله عز وجل له الذي هو وارث الأرض ومن عليها وكل شئ بيده وفى قبضته؟ وقد أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة أبى طلحة لله تعالى دون أن يذكر متصدقا عليه ثم أمره عليه الصلاة والسلام أن يجعلها في أقاربه وبنى عمه وبالله تعالى التوفيق * ومن عجائب الدنيا المخزية لهم احتجاجهم في هذا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ساق الهدى في الحديبية وقلدها وهذا يقتضى ايجابه له ثم صرفها عما أوجبها له وجعلها للاحصار ولذلك أبدلها عاما ثانيا * قال أبو محمد أول ذلك كذبهم في قولهم وهذا يقتضى ذلك ايجابه له وما اقتضى ذلك قط ايجابه لأنه عليه الصلاة والسلام لم ينص (1) على أنه صار التطوع بذلك واجبا بل أباح ركوب البدنة المقلدة، ومن المحال أن تكون واجبة لوجه ما (2) خارجة بذلك عن ماله باقية في ماله، ثم كذبوا في قولهم: انه عليه الصلاة والسلام أبدله من قابل فما صح هذا قط، ومن المجال أن يبدل عليه الصلاة والسلام هديا وضعه في حق في واجب ثم أي شبه بين هدى تطوع ينحر عن واجب في الاحصار عن أصحابه وعن نفسه المقدسة في حبس، أما يستحى من هذا مقدار علمه وعقله أن يتكلم في دين الله عز وجل ثم نقول لهم: أنتم تقولون: ان له أن يحبس ثم يفسخه. وقستموه على الهدى المذكور فاخبرونا هل له الرجوع في الهدى بعد أن يوجبه فيبيعه هكذا بلا سبب أم لا؟ فمن قولهم: لا فنقول لهم فهذا خلاف قولكم في الحبس إذ أجزتم الرجوع فيه بلا سبب وظهر هوس قياسكم الفاسد البارد: ويقال لهم: هلا قستموه على التدبير الذي لا يجوز فيه الرجوع عندكم أو هلا قستم قولكم في التدبير على قولكم في الحبس لكن أبى الله تعالى لكم الا خلاف الحق في كلا الوجهين *
(١٧٩)