هذا قد قال بتضمينه طوائف من الصحابة فمن بعدهم (1) فظهر تناقضهم * وقد روينا من طريق أحمد بن شعيب أنا إبراهيم بن المستمر نا حبان بن هلال نا همام بن يحيى نا قتادة عن عطاء بن أبي رباح عن صفوان بن يعلي بن أمية عن أبيه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أتتك رسلي فاعطهم ثلاثين درعا وثلاثين بعيرا فقلت: يا رسول الله أعارية مضمونة أم عارية مؤداة؟ قال: بل عارية مؤداة) فهذا حديث حسن ليس في شئ مما روى في العارية خبر يصح غيره، وأما ما سواه فلا يساوى الاشتغال به: وقد فرق فيه بين الضمان. والأداء وأوجب في العارية الأداء فقط دون الضمان فبطل كل ما تعلقوا به من النصوص * وقالوا: وجدنا كل ما يقبضه بعض الناس من بعض من الأموال ينقسم ثلاثة أقسام. أحدها قسم منفعة للدافع دون المدفوع إليه كالوديعة والوكالة فهذا غير مضمون فواجب أن يكون كل ما في هذا الباب كذلك وثانيها قسم منفعة الدافع والمدفوع إليه معا كالقراض وقد اتفقنا على أنه غير مضمون فوجب أن يكون الزمن وكل ما في هذا الباب كذلك، وثالثها ما منفعته للمدفوع إليه دون الدافع كالقرض وقد صح الاجماع على أنه مضمون فوجب أن تكون العارية وكل ما في هذا الباب كذلك * قال أبو محمد: وهذا قياس والقياس كله باطل الا انه من المليح المموه من مقاييسهم وانهم ليسفكون الدماء ويبيحون الفروج والأموال والابشار لأقل من هذا كقياسهم في الصداق وفى جلد الشارب قياسا على القاذف. والقود للكافر من المؤمن. وفاعل فعل (2) قوم لوط وسائر قياساتهم الا اننا نعارض هذا القياس بمثله وهو أن العارية دفع مال بغير عوض كالوديعة، وأيضا فان ما بلى منها في اللباس وفيما استعيرت له فنقص منها بلا تعد فلا ضمان فيه فكذلك سائر النقص، وهذا كله وساوس نعوذ بالله من الحكم بها في دينه * قال على: فبقي قولنا فوجدناه قد روى عن عمر: وعلى كما روينا من طريق ابن أبي شيبة نا وكيع عن علي بن صالح بن حي عن عبد الأعلى عن محمد بن الحنفية عن علي بن أبي طالب قال: العارية ليست بيعا ولا مضمونة إنما هو معروف الا أن يخالف فيضمن، وهذا صحيح عن علي * ومن طريق عبد الرزاق نا قيس بن الربيع عن الحجاج بن أرطاة عن هلال الوزان عن عبد الله بن عكيم قال عمر بن الخطاب: العارية بمنزلة الوديعة ولا ضمان فيها الا أن يتعدى وهو قول إبراهيم النخعي. وعمر بن عبد العزيز. والزهري.
وغيرهم وهو قول أبى سليمان * قال أبو محمد: قول الله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل الا أن تكون