أبى موسى يعتمل بيده فينفع نفسه ويتصدق فبين كقولنا لأنه عليه السلام لم يفرد الصدقة دون منفعة نفسه بل بدأ بنفسه لنفسه وهكذا نقول * وأما حديث الأنصاري الذي بات به الضيف فقد رويناه ببيان لائح كما رويناه من طريق مسلم نا أبو كريب نا ابن فضيل عن أبيه هو قضى بن غزوان عن أبي حازم الأشجعي عن أبي هريرة قال: (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليضيفه فلم يكن عنده ما لضيفه فقال: ألا رجل يضيف هذا رحمه الله فقام رجل من الأنصار يقال له: أبو طلحة فانطلق به إلى رحله، ثم ساق الحديث كما رواه جرير. ووكيع عن فضيل بن غزوان فصح أن ذلك الرجل كان أبا طلحة وهو موسر من مياسير الأنصار، وروينا عن أنس أنه قال: كان أبو طلحة أكثر الأنصار (1) بالمدينة مالا من نخل، وقد لا يحضر الموسر أكل حاضر فبطل تعلقهم بهذا الخبر * وأما حديث ابن شهاب فمنقطع وقد رويناه من طريق محمد ابن الجهم نا أبو الوليد الأنطاكي نا الهيثم بن جميل نا سفيان عن عمرو بن دينار وحميد الأعرج كلاهما عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الله بن زيد الأنصاري قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ان حائطي صدقة إلى الله عز وجل ورسوله فأتى أبوه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما كان لنا عيش غيرها فردها عليه يعنى على الأب فمات فورثها يعنى الابن عن أبيه) فهذا أحسن من ذلك السند وفيه رده عليه السلام لتلك الصدقة التي كان لا عيش لأبيه الا منها فردها عليه وليس فيه أن الابن لم يكن له غنى غيره وبالله تعالى التوفيق * وأما حديث أبي بكر رضى الله تعالى عنه فغير صحيح أصلا لان احدى طريقيه من رواية هشام بن سعد وهو ضعيف والثانية من رواية إسحاق الفروي وهو ضعيف عن عبد الله بن عمر العمرى الصغير وهو ضعيف، ثم لو صح لهم لم يكن لهم فيه حجة لان الأصل إباحة الصدقة ما لم يأت نهى عن تحريمها فكأن يكون موافقا لمعهود الأصل وكان النص الذي قدمنا من القرآن والسنة واردا بالمنع من بعض الصدقة فهو بيقين لا شك فيه ناسخ لما يقدمه ومن ادعى فيما تيقن انه ناسخ انه قد نسخ فقد كذب وقفا ما لا علم له به ورام ابطال اليقين بالظن الإفك * وأما الحديث الآخر الذي فيه انفق على ماله قبل الفتح فلا يحل الاحتجاج به لأنه من طريق العلاء بن عمرو الحنفي وهو هالك مطرح ثم التوليد فيه لائح لان فيه نصا ان ذلك كان بعد الفتح وكان فتح خيبر قبل الفتح بعامين، وكان لأبي بكر فيها من سهمه مال واسع مشهور، ومن أخذ بهذه الأحاديث كان قد خالف تلك وهذا لا يحل وكان من أخذ بتلك قد أخذ بهذه ولا بد من تأليف ما صح من
(١٤١)