وقد روي: أنه إذا أمر الموصي الوصي أن يتصرف في تركته لورثته ويتجر لهم بها ويأخذ نصف الربح كان ذلك جائزا وحلال له نصف الربح، أورد ذلك شيخنا في نهايته إلا أن الوصية لا تنفذ إلا في ثلث ما كان يملكه الميت قبل موته والربح تجدد بعد موته فكيف تنفذ وصيته وقوله فيه وفي الرواية نظر؟
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وإذا كان للوصي على الميت مال لم يجز له أن يأخذ من تحت يده إلا ما تقوم له به البينة. وهذا خبر واحد أورده إيرادا لا اعتقادا، والذي يقتضيه أصول مذهبنا أنه يأخذ مما له في يده لأن من له على انسان مال ولا بينة له عليه ولا يقدر على استخلاصه ظاهرا فله أخذ حقه باطنا لأنه يكون بأخذ ماله من غير زيادة عليه محسنا لا مسيئا وقد قال الله تعالى: ما على المحسنين من سبيل.
وقال شيخنا في نهايته: ومتى باع الوصي شيئا من التركة لمصلحة الورثة وأراد أن يشتريه لنفسه جاز له ذلك إذا أخذه بالقيمة العدل من غير نقصان. والذي يقتضيه مذهبنا أنه لا يجوز له أن يشتريه لنفسه بحال لأن الانسان لا يكون موجبا قابلا في عقد واحد لأن العقد يكون بين اثنين فلا يصح ذلك إلا ما خرج بإجماعنا من الوالد إذا اشترى من مال ولده الصغير فلا نقيس غيره عليه بحال لأنا لا نقول بالقياس في الشرعيات إلا أن شيخنا أبا جعفر رجع عما ذكره في نهايته وقال بخلافه في مسائل خلافه في كتاب الوكالة في الجزء الثاني فقال: مسألة: جميع من يبيع مال غيره ستة أنفس الأب والجد ووصيهما والحاكم وأمين الحاكم والوكيل لا يصح لأحد منهم أن يبتاع المال الذي في يده من نفسه إلا الاثنين الأب والجد ولا يصح لغيرهما ثم استدل فقال: دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم على أنه يجوز للأب أن يقوم جارية ابنه الصغير على نفسه ويستبيح وطأها بعد ذلك وروي أن رجلا أوصى إلى رجل في بيع فرس له فاشتراه الوصي لنفسه واستفتى عبد الله بن مسعود فقال: ليس له ذلك، ولا يعرف له مخالف. هذا آخر كلام شيخنا أبي جعفر.
وإذا مات الانسان من غير وصية كان على الناظر في أمور المسلمين أن يقيم له ناظرا ينظر في مصلحة الورثة ويبيع لهم ويشترى ويكون ذلك جائزا، فإن لم يكن السلطان الذي يتولى ذلك أو يأمر به جاز لبعض المؤمنين أن ينظر في ذلك من قبل نفسه ويستعمل فيه الأمانة