العبد بعينه فهما وصيتان ويكون الثاني رجوعا عن الأولى ومنهم من قال: لا يكون رجوعا، وفيه خلاف. فمن قال: ليس برجوع قال ننظر فإن أجاز الورثة يكون لكل واحد منهما ثلث ماله، وكذلك نقول. ومن قال: هو رجوع فإن أجازوه قالوا: المال بينهما نصفان وإن لم يجيزوه نظرت فإن كان قيمة العبد قدر الثلث فإنه يكون بينهما ولا يحتاج إلى إجازة الورثة وإن كان قيمة العبد أكثر من الثلث فللوارث أن يمنعوا الزيادة على الثلث فأما الثلث فلا ويكون الثلث بينهما نصفين هذا إذا قبلا جميعا الوصية وإن رد أحدهما وقبل الآخر فإن جميع الثلث لمن قبل لأنه قد أوصى لكل واحد منهما بجميع الثلث وعلى ما قلناه من أن في الثاني رجوعا عن الأول - ينظر فإن رجع الأول فلا تأثير لرجوعه لأن الوصية له قد بطلت بالوصية للثاني وإن رجع الثاني ولم يقبلها رجع المال إلى الورثة لأن الوصية للأول كان قد بطلت بالوصية للثاني هذا آخر كلامه في مبسوطه. وقال رحمه الله في موضع آخر في هذا الفصل في مبسوطه أيضا: فأما العطية المؤخرة إذا أوصى بعتق أو أوصى بمحاباة دفعة واحدة نظرت، فإن لم يكن فيه عتق فإنه يسوي بينهم لأن حال استحقاق وجوبه واحدة وهو بعد الموت فإن خرج كله من الثلث صح الكل، وإن لم يخرج من الثلث عندنا تقدم الأول فالأول ويدخل النقص على الأخير، وإن اشتبهوا أقرع بينهم وعند المخالف يسقط عليهم، فهذا آخر كلامه فانظر أيدك الله بتوفيقه إلى كلامه في المسألة الأولى وإلى كلامه في هذه المسألة لا وجه له إلا ما حررناه.
وإذا أوصى الانسان بوصية فليس لأحد مخالفته فيما أوصى به ولا تغيير شئ من شرائطها على ما قدمناه إلا أن يكون قد وصى بما لا يجوز له أن يوصي به مثل أن يكون قد أوصى بماله في غير مرضاة الله أو أمر بإنفاقه في وجوه المعاصي من قتل النفوس وسلب الأموال أو إعطائه الكفار أو إنفاقه على مواضع قربهم من البيع والكنائس وبيوت النيران، فإن فعل شيئا من ذلك وجب على الوصي مخالفته في جميع ذلك وصرف الوصية إلى الحق وكان على إمام المسلمين معاونته على ذلك.
فإن أوصى الانسان لأحد أبويه أو بعض قرابته بشئ من ثلثه وجب إيصاله إليهم وإن كانوا كفارا ضلالا وكذلك من لا بينه وبينهم قرابة من الكفار على ما قدمناه، وقد ذهب بعض أصحابنا أنه لا يصح الوصية للكفار إلا لمن بينه وبينه رحم والأول هو