لأنهما حينئذ قد فسقا لأنهما أخلا بما وجب عليهما القيام به وقد قدمنا أن بالفسق تخرج الوصية من يده.
ولا بأس أن يوصي الانسان إلى أولاده وإلى من يرثه وإلى زوجته فإن أوصى إليهم وكان فيهم صغار وكبار كان للكبار إنفاذ الوصية وأن لا ينتظروا بلوغ الصغار إلا أن يكون الموصي قد اشترط إيقاف الوصية إلى وقت بلوغ الصغار وكان الشئ الذي أوصى به يجوز تأخيره، فإن كان كذلك لم يجز لهم أن ينفذوا شيئا منها إلا بعد بلوغ الصغار منهم.
وإذا أوصى الانسان إلى غيره كان بالخيار في قبول الوصية وردها إذا كان حاضرا شاهدا، فإن كان الموصى إليه غائبا فإن له رد الوصية ما دام الموصي حيا، فإذا مات الموصي قبل أن يبلغ إليه الامتناع من قبول الوصية لم يكن. للموصى إليه الغائب الامتناع من القيام بها.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وإذا حضر الوصي الوفاة وأراد أن يوصي إلى غيره جاز له أن يوصي إليه بما كان يتصرف فيه من الوصية ويلزم الموصى إليه القيام بذلك.
وقال شيخنا المفيد في مقنعته: وليس للموصي أن يوصي إلى غيره ألا أن يشترط ذلك الموصي فإن لم يشترط له ذلك لم يكن له في الوصية فإن مات كان للناظر في أمور المسلمين بتولي إنفاذ الوصية على حسب ما كان يجب على الوصي أن ينفذها وليس للورثة أن يتولوا ذلك بأنفسهم، وإذا عدم السلطان العادل فيما ذكرناه من ذلك كان لفقهاء أهل الحق العدول من ذوي الرأي والفضل أن يتولوا ما يتولاه السلطان فإن لم يتمكنوا من ذلك فلا تبعة عليهم فيه.
وهذا الذي اختاره وأعمل عليه وأفتى به وقد قدمنا ذلك وأجملناه فيما مضى.
وللموصي أن يستبدل بالأوصياء ما دام حيا صحيح العقل لا يولي على مثله، فإذا مضى لسبيله لم يكن لأحد أن يغير وصيته ولا يستبدل بأوصيائه، فإن ظهر منه خيانة كان على الناظر في أمور المسلمين أن يعزله ويقيم أمينا مقامه على ما قدمناه، وإن لم يظهر منه خيانة إلا أنه ظهر منه عجز وضعف عن القيام بالوصية كان للناظر في أمر المسلمين أن يقيم أمينا ضابطا يعينه على تنفيذ الوصية ولم يكن له عزله لضعفه.
والوصي إذا خالف ما أمر به كان ضامنا للمال.