فتقديره: كتب عليكم الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف في حال الصحة قائلين إذا حضرنا الموت فلفلان كذا.
و " المعروف " هو الذي لا يجوز أن ينكر ولا حيف فيه ولا جور.
والحضور وجود الشئ بحيث يمكن أن يدرك، وليس معناه في الآية إذا حضره الموت أي إذا عاين الموت لأنه في تلك الحال في شغل عن الوصية، لكن المعنى كتب عليكم أن توصوا وأنتم قادرون على الوصية، فيقول الانسان: إذا حضرني الموت - يعني إذا أنا مت - فلفلان كذا.
والحق هو الذي لا يجوز إنكاره، وقيل: ما علم صحته سواء كان قولا أو فعلا أو اعتقادا، وهو مصدر حق يحق حقا، وانتصب في الآية على المصدر وتقديره أحق حقا وقد استعمل على وجه الصفة بمعنى ذي الحق كما وصف بالعدل.
وقوله: " بالمعروف " معناه بالشئ الذي يعرف ذوو التمييز أنه لا حيف فيه ولا جور على قدر التركة وحال الموصى له. وقيل: معنى المعروف بالحق الذي لا يجوز أن ينكر، وقيل:
أي لا يوصي بماله للغني ويدع الفقير. وقال ابن مسعود: الوصية للأخل فالأخل، أي للأحوج فالأحوج على ما قدمناه.
ومعنى حضره الموت: حضرته إماراته ومقدماته.
فصل: ثم قال: فمن بدله بعد ما سمعه. الهاء عائدة على الوصية وإنما ذكر حملا على المعنى لأن الإيصاء والوصية واحدة. والهاء في قوله " فإنما إثمه " عائدة على التبديل الذي دل عليه قوله " فمن بدله بعد ما سمعه ". وقال الطبري: الهاء تعود على محذوف لأن عودها على الوصية المذكورة لا يجوز لأن التبديل إنما يكون لوصية الموصي، فأما أمر الله بالوصية فلا يقدر هو ولا غيره أن يبدله.
قال الرماني: وهذا باطل لأن ذكر الله للوصية إنما هو لوصية الموصي فكأنه قيل كتب عليكم وصية مفروضة عليكم، فالهاء تعود إلى الوصية المفروضة التي يفعلها الموصي.
وقوله " فمن بدله " فالتبديل هو تغيير الشئ عن الحق فيه، والبدل هو وضع شئ مكان آخر.
ومن أوصى وصية في ضرار فبدلها الوصي لم يأثم بذلك. قال ابن عباس: من أوصى في