تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين. قال: وذلك إن ارتاب ولي الميت في شهادتهما.
" فإن عثر على أنهما استحقا إثما " أي شهدا بالباطل فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين. فإذا فعل ذلك نقض شهادة الأولين وجازت شهادة الآخرين، لقول الله عز وجل: ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم.
فصل: وقد تقدم بيان هذه الآية في باب الشهادة ونزيدها إيضاحا هاهنا فنقول: إن قوله " اثنان " ارتفع على أنه خبر للمبتدأ الذي هو " شهادة بينكم "، أو على أنه فاعل " شهادة بينكم " على معنى فيما فرض عليكم أن يشهد اثنان، و " إذا حضر " ظرف للشهادة و " حين الوصية " بدل منه.
وحضور الموت مشارفته وظهور إمارات بلوغ الأجل، وقيل: " منكم " أي من أقاربكم و " من غيركم " أي من أجانبكم. فعلى هذا معناه: إن وقع الموت في السفر ولم يكن معكم أحد من عشيرتكم فاستشهدوا أجنبيين على الوصية. وجعل الأقارب أولى لأنهم أعلم بأحوال الميت وبما هو أصلح وهم له أنصح، والأصح ما قدمناه أن قوله: " منكم " أي من المسلمين و " من غيركم " أي من أهل الذمة.
وقوله: " إن ارتبتم " اعتراض بين القسم والمقسم عليه، أي إن اتهمتموهما فحلفوهما، والضمير في " به " للقسم وفي " كان " للمقسم له، يعني لا نستبدل بصحة القسم بالله عرضا من الدنيا، أي لا نحلف بالله كاذبين لأجل المال ولو كان من نقسم له قريبا منا.
وقوله: " شهادة الله " أي الشهادة التي أمر الله بتعظيمها وحفظها.
وقوله: " تحبسونهما " تقفونهما وتصيرونهما للحلف من بعد الصلاة. وقيل:
اللام في الصلاة للجنس، والقصد بالتحليف على أثرها أن تكون الصلاة لطفا في النطق بالصدق وناهية عن الكذب، فإن اطلع على أنهما فعلا ما أوجب إثما واستوجبا أن يقال لهما إنهما من الآثمين.
" فشاهدان آخران " من الذين جنى عليهم وهم أهل الميت و " الأوليان " اللاحقان