فإن قال: أنا مقر أو منكر، لم يكن أيضا جوابا صحيحا. فإذا قال: أنا مقر بما يدعيه ومنكر لما يدعيه، كان ذلك جوابا صحيحا وحكم الحاكم عليه. وإذا قال انسان: لزيد على ألف درهم، وسكت ثم قال: من ثمن مبيع لم أقبضه، وجب عليه الألف ولم يسمع منه ما ادعاه من المبيع لأنه أقر بالألف ثم فسره بما يسقط ولا يقبل إقراره به. فإن قال: لزيد على ألف درهم، وسكت ثم قال: قد قبضها، كان جاريا مجرى الأول. فإن قال: لزيد على ألف درهم من ثمن مبيع، وسكت ثم قال: لم أقبضه، سمع منه ذلك لأن قوله بعد سكوته " لم أقبضه " غير مناف لإقراره المتقدم لأنه يجوز أن يكون عليه ألف درهم ثمنا ولا يجب عليه تسليمها حتى يقبض المبيع، وأيضا فإن الأصل أن لا قبض. فإن قال: لزيد على ألف درهم مؤجلا إلى الوقت الفلاني، وجب عليه ذلك في الأجل المذكور.
وإذا شهد شهود على انسان بإقراره ولم يقولوا: وهو صحيح العقل، كانت الشهادة صحيحة بذلك الإقرار لأن الظاهر أن الشهود لا يتحملون الشهادة على من ليس بعاقل ولأن الظاهر صحة إقراره أيضا. فإن شهدوا وقالوا: وهو صحيح العقل، كان ذلك منهم تأكيدا وإذا كان الأمر في الشهادة بالإقرار على ما ذكرناه وادعى المشهود عليه أنه أقر وهو مجنون وأنكر المقر له ذلك كان القول قوله مع يمينه لأن الأصل فقد الجنون وعدمه.
فإن ادعى أنه أكره على الإقرار لم يسمع منه ذلك لأن الأصل فقد الإكراه، فإن أتيت بينة على أنه كان مقيدا أو محبوسا وادعى الإكراه قبل ذلك منه لأن الظاهر من حال المقيد والمحبوس أنه كان مكرها على التصرف والإقرار.
وإذا قال انسان: لزيد على دينار في عشرة، أو درهم في عشرة، وكان يريد بذلك ضرب الحساب وجب عليه عشرة دنانير أو عشرة دراهم لأن الواحد في عشرة عشرة، وإن لم يرد ضرب الحساب وجب عليه دينار واحد أو درهم واحد لأنه يكون المعنى فيه " له دينار في عشرة لي " ويجري ذلك مجرى القول بأن له على عمامة في صندوق، أو قميص في منديل، وما أشبه ذلك.
وإذا ادعى انسان على صبي البلوغ وقال الصبي: لم أبلغ، كان على المدعي البينة فيما ادعاه من بلوغ الصبي: إما بأن شهد شهود بأنه ولد في سنة معينة ثم ينظر فيه من هذه