ما جرى عليه العرف واللغة (1)، من كونه بمعنى الكدر والخديعة والخيانة، ويعبر عنه في لغة الفرس بكلمة: گول زدن، ولا يتحقق ذلك إلا بعلم الغاش وجهل المغشوش، فإذا كان كلاهما عالمين بالواقع أو جاهلين به، أو كان الغاش جاهلا والمغشوش عالما انتفى مفهوم الغش.
ثم إنه لا يعتبر في مفهوم الغش انحصار معرفته بالغاش، فإن أكثر أفراد الغش يعرفه نوع الناس بإمعان النظر، خصوصا من كان من أهل الفطانة والتجربة، ومن كان شغله الغش، فإنه لا شبهة أن من الغش جعل الجيد من الحبوب على ظاهر الصبرة ورديه في باطنها، وبيع الأمتعة في الظلال، و من الواضح أن نوع الناس يلتفتون إلى الغش في أمثال ذلك بتدقيق النظر، ولو اختص مفهوم الغش بما انحصر طريق معرفته بالغاش لم يبق له إلا مورد نادر.
نعم قد تنحصر معرفته بالغاش كمزج اللبن بالماء، وخلط الدهن الجيد بالدهن الردي، ووضع الحرير ونحوه في مكان بارد ليكتسب ثقلا، وبيع الحيوان مسموما لا يبقى أزيد من يوم ويومين، وغير ذلك من الموارد التي لا يطلع على الغش إلا خصوص الغاش فقط، ولكن هذا لا يوجب اختصاص الغش بتلك الموارد وعدم تحقق مفهومه في غيرها.
وقد ظهر مما ذكرناه أن الغش لا يصدق لغة ولا عرفا على الخلط