ذكرناه أنك قد عرفت في مبحث التطفيف أن البيع من الأمور القصدية فلا معنى لتردد المتبايعين فيما قصداه.
وكذلك ظهر بطلان ما استدل به القائلون بالفساد مطلقا، من أن العقد لم يتعلق بذات المبيع بأي عنوان اتفق بل تعلق بالمبيع بعنوان أنه غير مغشوش، فإذا ظهر الغش فقد ظهر أن ما هو المبيع غير موجود وما هو موجود غير المبيع.
ووجه البطلان أنه إنما يتم فيما إذا كانت الأوصاف المختلفة من قبيل الصور النوعية لا مطلقا، وقد أوضحنا ذلك فيما تقدم.
وقد يستدل على الفساد بوجوه أخر، قد أشار إليها المصنف:
1 - النهي الوارد عن بيع المغشوش، فإنه يدل على فساده.
وفيه: أنا لم نجد ما يدل على النهي عن بيع المغشوش في نفسه غير خبر موسى بن بكر وخبر الجعفي، وسيجئ الكلام عليهما.
2 - النهي عن الغش الوارد في الروايات الكثيرة، وقد تقدم ذكرها في الحاشية، ومن الواضح أن الغش متحد مع البيع كما تدل عليه رواية هشام المتقدمة: أما علمت أن البيع في الظلال غش، فيدل على الفساد.
وفيه: أن النهي إنما تعلق بالغش وهو أمر خارج عن البيع، والنهي إذا تعلق بأمر خارج عن الشئ لا يدل على فساد ذلك الشئ، وقد حقق ذلك في محله، وأما رواية هشام فهي لا تدل على أزيد من ذلك خصوصا بعد ملاحظة قوله (عليه السلام) في ذيلها: والغش لا يحل، فإنه ظاهر في الحكم التكليفي فقط.
3 - خبر موسى بن بكر عن أبي الحسن (عليه السلام) فإنه: أخذ دينارا من الدنانير المصبوبة بين يديه فقطعها بنصفين، ثم قال: القه في البالوعة حتى