التخيل أيضا فاسد، فإن ما نحن فيه وإن كان من باب التزاحم إلا أن حيث كان فعل العصر مشروطا شرعا بفعل الظهر لأدلة الترتيب فاللازم هو استيفاء محتملات الظهر، لأن فعل الظهر غير مشروطة بشرط فما نحن فيه نظير ما إذا عجز عن القيام في ركعة من ركعات الصلاة، ودار الأمر بين ترك القيام في الركعة الأولى أو في الركعة الثانية، لأنه كما يجب القيام في الركعة الأولى لقدرته فعلا عليه والقعود في الركعة الثانية لعجزه عنه، ولا يمكنه العكس إذ لا موجب للقعود في الركعة الأولى مع كونه قادرا على القيام فيها، فكذلك فيما نحن فيه يجب فعل الظهر إلى أربع جهات لقدرته على تحصيل القبلة فيها، ويدخل النقص على العصر لعجزه عنها عند فعلها.
بل ما نحن فيه أولى من المثال، لأن ترتب الركعة الثانية على الأولى ليس بشرعي بل هو أمر تكويني، وهذا بخلاف ترتب العصر على الظهر فإنه أمر شرعي، وصحة العصر مشروطة شرعا بفعل الظهر.
وحاصل الكلام: أنه قد تحرر في باب التزاحم أنه كل أمرين مترتبين إذا وقع التزاحم بينهما يجب صرف القدرة على الأول منهما، لعدم اشتراط الأول بشرط غير القدرة وهي حاصلة بالفرض، بخلاف الثاني فإنه مشروط بكونه عقيب الأول سواء كان شرط الوجوب أو شرط الواجب، فلا بد من ملاحظة القدرة حين تحقق شرطه والمفروض أنه لا قدرة له في ذلك الحين.
نعم لو كان المتأخر في نظر الشارع، كالقيام الركني في المثال المتقدم لكان اللازم صرف قدرته إلى المتأخر، لأن الأهمية موجبة لتولد خطاب إحفظ قدرتك إلى الأهم، فتأمل فإن المقام لا يسع أكثر من ذلك وتفصيله موكول إلى محله.
فظهر أن الأقوى من الوجوه هو الوسط.