تبين الخلاف وأن القبلة لم تكن على نفس الجهة التي صلى نحوها بل كانت بيمينها ويسارها، لأنه مضافا إلى أن الحكم بالصلاة إلى الأربع وسقوط الزائد لم يكن من قبيل الحكم الظاهري الذي يمكن انكشاف الخلاف فيه، بل هو حكم واقعي جعل للمتحير، فقبلة المتحير في الحقيقة في هذا الحال هي ربع الفلك، أن صلاته تكون حينئذ فيما بين المغرب والمشرق، وقد ورد النص على أن الصلاة لو وقعت بينهما لا إعادة وقضاء (1).
ومنه يعلم أيضا الحكم فيما إذا لو صلى إلى ثلاث جهات فيما إذا كان تكليفه ذلك وأنه لا إعادة عليه ولا قضاء، لأن ما بين المغرب والمشرق قبلة له في هذا الحال حقيقة.
وأما لو صلى إلى جهة واحدة فيما كان تكليفه ذلك فربما يتوهم وجوب الإعادة والقضاء لو كان مستدبرا، ووجوب الإعادة فقط لو كان إلى جهة المشرق والمغرب، وعدم وجوب شئ لو كان بينهما إلى جهة القبلة، لما سيمر عليك من الأخبار الدالة على ذلك. ولكن يدفعه أن تلك الأخبار مقصورة بمن أحرز جهة القبلة فتبين الخطأ، لا من لم يحرز القبلة لعدم معرفتها وكان تكليفه الواقعي الصلاة إلي أي جهة شاء كما فيما نحن فيه. فالأقوى عدم الإعادة والقضاء عليه أيضا، وإن أشكل شيخنا الأستاذ بالنسبة إلى الإعادة.
نعم يبقى صورة واحدة وهو ما إذا صلى إلى جهتين فيما كان تكليفه ذلك، فإنه خارج عما بين المغرب والمشرق وخارج عن إطلاق الصلاة إلى أي جهة شاء، فمقتضى القاعدة في صورة انكشاف الخلاف أن يكون عليه الإعادة والقضاء، وإن كان بعيدا من المذاق حيث إنه من صلى إلى جهة واحدة لا يكون