قال الناصب خفضه الله أقول: قد سبق أن ذم العباد على الكفر لكونهم محل الكفر، والكاسبين المباشرين له والانكار والتوبيخ في قوله تعالى: كيف تكفرون بالله لكسبهم الكفر، وهم غير عاجزين عن الكسب لوجود القدرة على الكسب وإن كانوا عاجزين عن دفع الكفر عنهم بحسب الايجاد والخلق، والأول كاف في ترتب التوبيخ على فعلهم، وأما ما ذكره من أن مذهبهم أن الله تعالى خلق الكفر في الكافر وأراد منه وهو لا يقدر على غيره فكيف يوبخه عليه فقد ذكرنا جوابه فيما سبق أن التوبيخ باعتبار الكسب والمحلية لا باعتبار التأثير والخالقية، وقد ذكرنا فيما سبق: أن هذا يلزمهم في العلم بعينه وكذا حكم باقي ما ذكر من الآيات المشتملة على توبيخ الله تعالى عباده بالشرك والمعاصي فإن كل هذه التوبيخات متوجهة إلى العباد باعتبار المحلية والكسب، لا باعتبار الخلق، وأما ما ذكره من كلمات الصاحب ابن عباد فهو كان رجلا وزيرا متشدقا (4) في الانشاء معتزليا ذكر الكلمات وسردها على وتيرة أرباب الترسلات والمراسلات، وليس فيه دليل، وما أحسن ما قيل في أمثال كلامه شعر:
كلامك يا هذا كبندق فارغ خلي عن المعنى ولكن يقرقر (إنتهى)
____________________
(1) النساء. الآية 39.
(2) التكوير. الآية 26.
(3) المدثر. الآية 49.
(4) من تشدق: توسع في الكلام من غير احتياط.
(2) التكوير. الآية 26.
(3) المدثر. الآية 49.
(4) من تشدق: توسع في الكلام من غير احتياط.