أما كان يستحي من ناظر في كتابه، ومثله (1) في هذا العمل كمثل من جمع السهام في وقعة
حرب وكانت تلك السهام قتلت طائفة من أهل عسكره فأخذ السهام من بطون أصحابه، ومن صدورهم وأفخاذهم، ثم يفتخر أن لنا سهاما قاتلة للرجال ولم يعلم أن هذه السهام قتلت أحبابه وأعوانه، نعوذ بالله من
الجهل والتعصب، ثم جعل هذه الآيات دليلا على مذهبهم
الباطل من باب إقامة الدليل في غير محل النزاع فإنا لا ننكر أن للفعل نسبة وإضافة إلى الفاعل ونسبة وإضافة إلى الخالق كالسواد فإن له إضافة إلى الأسود لأنه محله وإلى الخالق الذي خلقه في الأسود حتى صار به أسود، فقوله تعالى: فويل للذين كفروا فيه إضافة الكفر إلى العبد، ولا شك أنه كذلك، وليس لنا فيه نزاع أصلا والكلام في الخلق لا في الكسب والمباشرة وقوله تعالى: فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم، لا شك أن الكتابة تصدر من يد الكاتب وهذا محسوس لا يحتاج إلى الاستدلال، والكلام في الخلق والتأثير فنقول:
الكتابة
كسب العبد وخلق الحق ألم يقرء هذا الرجل آخر هذا الآية؟ ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا، فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون صرح بالكسب وأن كتابتهم
كسب لهم، لا أنه خلق لهم، وقس عليه باقي الآيات المذكورة (إنتهى) أقول نعم هذا معنى النص لكن لا يلزم أن يكون حصول التنصيص على المقصود من مجرد مفهوم اللفظ مع قطع النظر عن القراين الداخلة والخارجة من مقتضيات الحال و المقال، كما يفهم من كلام الناصب موافقا
بجماعة زعموا مثله وبنوا عليه الحكم بندور النص في الكتاب والسنة، فإن هذا مردود عند المحققين منا ومنهم فقد
____________________
(1) المثل ما شبه مضر به مردود.