عند نزول الآية ولم تكن في ذلك الزمان إمامة حتى يكون نفيا للتردد، والجواب عنه من وجوه أما أولا فلما يستفاد من كلامه في شرحه للتلخيص في مبحث القصر حيث قال: إن اعتقاد المخاطب بثبوت ما نفاه المتكلم قطعا أو احتمالا مختص بالقصر الغير الحقيقي، ألا ترى أنهم اتفقوا على صحة ما في الدار إلا زيد قصر حقيقيا مع أنه ليس ردا على من اعتقد أن جميع الناس في الدار، والحاصل أنه
يجوز أن يكون هذا القصر قصر الصفة على الموصوف قصر حقيقيا ودفع التردد والنزاع ورد الخطاء إنما يشترط في القصر الإضافي وأما ثانيا فلأنه
يجوز أن يكون قصرا إضافيا فإنه تعالى عالم بجميع الأشياء فلما علم اعتقادهم إمامة غيرها في الاستقبال كما يدل عليه حديث المشكاة (1) الذي من جملته وإن أمرتم عليا ولا أراكم فاعلين الخ قال لهم على أبلغ وجه وآكده إنما وليكم الله تتميما، للحجة، وأما ثالثا فلأنه
يجوز أن يكون الحصر لدفع التردد الواقع من بعضهم عند نزول الآية بين انحصار الولاية في الله ورسوله واشتراكه بينهما وبين غيرهما على أن يكون القصر لتعيين الاشتراك كما أن القصر في قوله تعالى: وما أرسلناك إلا كافة للناس (2) قصر القلب لتحقيق اشتراك الرسالة وعمومها لجميع الناس ورد اختصاصها بالعرب كما زعمته اليهود والنصارى، وأما رابعا فلأن حاصل كلام المعترض هو الاعتراض على الله تعالى ونسبة اللغو إليه، إذ محصله أن النزاع في خلافة الثلاثة وولايتهم إنما وقع بعد
النبي (ص)، فالحصر لا يرفعه، وباعتقادهم لم يكن في حال حياة
النبي (ص) إمام وخليفة وتردد في خلافة أحد فيكون الحصر لغوا وأما خامسا فلأن الحصر يدل على نفي إمامة من ينازع مطلقا لا أن ينازع في ذلك الوقت، وإلا لزم أن تكون كلمة التوحيد نافيا لألوهية من ادعى في وقت نزولها
____________________
(1) بقد مر نقل الحديث عن الكتاب مع تعيين محله.
(2) السباء. الآية 28.