المطلوب وهو أن الإمامة مما لا ينالها من كان كافرا ظالما في الجملة وفي بعض أيام عمره، أن قيل: إن بعضنا من المفسرين حمل العهد في الآية على عهد النبوة وحينئذ لا دلالة في الآية على اشتراط عدالة الإمام في جميع عمره، وأيضا أن هيهنا شقا خامسا قد أهملتم أخذه في الاستدلال وذلك لجواز أن يكون إبراهيم (ع) قد زعم أن ذلك البعض من ذريته الذين سأل لهم الإمامة يكونون متصفين بالاسلام والعدالة وقد كان زعمه هذا في جميع أفراد ذلك البعض أو في بعضها مخالفا لما في نفس الأمر فأجابه تعالى بأن عهد الإمامة مما لا تناله الظالمون تنبيها على بطلان ما زعمه لا سلام هؤلاء كلا أو بعضا، وحينئذ لا يلزم سؤال ما لا يليق بشأن النبوة ولا عدم مطابقة الجواب للسؤال، فلا يثبت الاشتراط قلت في الجواب عن الأول: إنه يكفي في دلالة الآية على ما ذكرنا وحجيته على الخصم تصريح البعض الآخر بل أكثرهم، ومنهم صاحب الكشاف وأمثاله من أكابر المفسرين على أن بالعهد عهد الإمامة وهو الظاهر أيضا من سياق الآية، على أنا نقول يلزم من اشتراط ذلك في النبي اشتراطه في الإمام بطريق أولى لعدم تأييده بالوحي العاصم عن الخطاء، وقد مر تحقيق الكلام في وجوب عصمتهم عليهم السلام، وعن الثاني أن بطلان زعم إسلام بعض من جماعة إنما يتصور إذا كان ذلك البعض موجودا متعينا يمكن أن ينظر في سلامة أحواله واختلالها أو إذا كان هؤلاء الجماعة بأجمعهم ممن يتصفون أو سيتصفون بالكفر والضلال، ومن البين أن الموجودين في زمام إبراهيم (ع) من ذريته كإسماعيل وإسحاق كانوا معصومين لا مجال لزعم الباطل فيهما، ومن وجد من ذريته إلى يومنا هذا كان بعض منهم أنبياء معصومين أيضا وبعضهم أولياء مرحومين وبعضهم من فساق المسلمين وبعضهم من الكفار
(٣٩٧)